مواصلة سياسة دعم الأثرياء مِنْ جيوب الفقراء

غادر أمين عام وزارة المالية إلى خارج البلاد لإصدار سندات يورو بوند بقيمة مليار دولار بعد أن أصدرت في نيسان الماضي سندات مشابهة بقيمة 500 مليون دولار بفائدة مرتفعة جداً نسبتها5,875 % (قيمة الفائدة على القروض الخارجية السابقة والآخذة بالاستحقاق هي نحو 2 %)؛ الأمر الذي يغرق البلاد بالمديونية التي أصبحت تشكل نحو 100% من الناتج المحلي الإجمالي خلافاً لما تعلنه الحكومة؛ فهي تخفي من احتساب المديونية نحو مليار دينار وردت في الموازنة الأخيرة للدولة تحت باب التزامات سابقة! وهذه «الالتزامات السابقة» هي عبارة عن نفقات خارج الموازنة وتشكل مخالفة قانونية ودستورية. وهذا يرفع كلفة تمويل المديونية بشكل كبير. ومن المفيد الإشارة إلى أن المديونية لها أثمان سياسية وأخرى اقتصادية واجتماعية؛ فهي عبارة عن ضرائب مؤجلة الدفع.

 

وتستعد الحكومة لفرض وجبة جديدة من الضرائب المباشرة بعد تعهداتها لصندوق النقد الدولي بتخفيض الإعفاءات من 12 ألف دينار إلى 6 آلاف دينار على المستخدمين والأفراد ورفع نسبة الضريبة عليهم إلى 24% ومساواتهم بالشركات. وبالتالي، سيخضع دخل جزء مهمّ من الأسر التي تعيش تحت خط الفقر لضريبة الدخل، فمن المعروف أن 37% من الأسر الأردنية دخلها أقل من 6 آلاف دينار سنوياً وفقاً للدراسات الرسمية. كما تشمل رسالة النوايا التي قدمتها الحكومة لصندوق النقد الدولي فرض ضريبة على دخل الأردنيين الناتج عن نشاطهم في الخارج، وفرض ضريبة على الإيجارات.

 

كما تهدف الإجراءات إلى زيادة الرسوم الجمركية على السلع والتوسع في ضريبة المبيعات. وذلك، بمراجعة الاستثناءات المتعلقة بالضريبة العامة على المبيعات لإخضاع مختلف السلع والخدمات لها بنسبة 16%؛ فالسياساتالرسمية ممعنة بتحميل الغالبية العظمى من الشعب أثمان التبعية والفساد السياسي والمالي، وحماية مصالح البرجوازية الطفيلية، في حين يصل التهرب الضريبي من المتنفذين وكبار الرأسماليين إلى 695 مليون دينار، والمتأخرات الضريبية تصل نحو 370 مليون دينار. وتكفي الإشارة إلى تقرير ديوان المحاسبة الذي تحدث عن وجود نحو4.154 مليار دينار لمختلف مؤسسات الدولة لدى كبار الرأسماليين، ما يكشف بوضوح عن الموقف المتحيز ومحاباة الأغنياء.

 

والأنكى وصف الحكومة لإجراءاتها في رسالة النوايا الموجهة إلى صندوق النقد الدولي بـ«الإصلاح الضريبي الذي يحقق العدالة»! وهي إجراءات يكتوي بنارها الفقراء والكادحون في البلاد، وهم الغالبية العظمى من المواطنين. فالإيرادات الضريبية تشكل نحو 70% من الإيرادات المحلية، ومعظمها من الضرائب غير المباشرة.. وبشكل خاص ضريبة المبيعات، بينما تشكل الضرائب على الأرباح والدخل أقل من 15% من إجمالي الإيرادات المحلية.

 

وتسعى السياسات الرسمية، من خلال الإجراءات الحكوميّة المرتقبة، إلى زيادة الإيرادات الضريبية للعام الحالي 2017 بنسبة 20% لتصل إلى 5,2 مليار دينار، في حين لا يحقق الاقتصاد الأردني نمواً أكثر من 2% ! كيف يمكن، إذاً، لاقتصاد لا يتجاوز نموه 2 % أن يحقق زيادة في الإيرادات الضريبية أكثر من 20 %!؟

 

وقد كشفت نتائج النصف الأول من العام الحالي عن تراجع إيرادات الخزينة من الضرائب بنسبة 2,2% رغم زيادة العبء الضريبي على المواطنين، فالسياسات الضريبية الرسمية هي سياسات انكماشية، تسهم في تباطؤ النمو الاقتصادي.

 

والحكومة عازمة على زيادة العبء الضريبي على المواطنين خلال السنوات الثلاث القادمة 2017  – 2019 بنسب تتراوح بين 15و20% وفقاً لتعهداتها للصندوق. وذلك اخلال للمبادئ الاقتصادية المتعارف عليها والتي تقوم على ربط الزيادة في الإيرادات الضريبية بمعدلات النمو الاقتصادي. وهذا إضافة إلى اختراق الحكومة المبدأ الدستوري القائل بعدم فرض ضرائب إلا بقانون؛ باعتداءاتها المتكررة على صلاحيات مجلس الأمة؛ إذ تقوم بتعديل ورفع نسبة ضريبة المبيعات بقرارات حكومية.