عمّان – الغد – قليلة هي الدراسات التي اهتمت بدراسة التحولات الاقتصادية والاجتماعية في مرحلة بناء الدولة الأردنية وتشكلها بمنهج علمي واضح المعالم. وإذا ما نظرنا إلى واقعنا الاجتماعي والاقتصادي والصعوبات والمشاكل التي تواجهه، غالبا ما نغرق بتفاصيل المشكلة والبحث عن حلول، غالبا ما تكون مؤقتة، بمعنى أننا ندير مشاكلنا وأزماتنا فقط، والسبب يعود إلى أننا ننسى ظروف تشكل هذا الواقع تاريخياً، والبحث في الجذور.
لكي نفهم ما نحن فيه وعليه، يعود بنا الباحث فهمي الكتوت في كتابه الصادر حديثا عن دار الآن ناشرون وموزعون في عمّان، إلى بدايات تشكل الدولة الأردنية، وتشكل اقتصادها، وظروف، وخلفيات تشكله.
الكتاب الذي يقع في(400) صفحة من القطع الكبير يتكون من سبعة فصول، وعدد من الملاحق المهمة. استعرض الباحث في فصله الأول تاريخ نشوء الدولة الأردنية، والانتداب البريطاني الذي فرض على الدولة الناشئة معاهدة انتداب استعماري سنة 1928، وجميع المشاريع الاقتصادية والسياسية التي ظهرت في تلك المرحلة كانت تلبي مصالح الاستعمار بدرجة أساسية، مثل مشاريع: روتمبرغ للكهرباء، وامتياز البحر الميت، وامتياز بترول العراق، وغيرها.
ويعرض هذا الفصل أيضا للتطورات على المعاهدة الأردنية البريطانية، وللأحداث السياسية الكبرى في المنطقة التي أثرت على الوضع الاجتماعي والاقتصادي في الأردن وتشكله، بما في ذلك تشكل الأحزاب الوطنية السياسية، وحرب فلسطين، ونشوء دولة إسرائيل، ووحدة الضفتين، والمتغيرات التي أعقبت ذلك، وصولا إلى إلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية.
الفصل الثاني اهتم بعرض إحلال النفوذ الأميركي مكان النفوذ البريطاني في المنطقة، وظهور مشاريع اقتصادية وسياسية جديدة، مثل مشاريع ماكدونالد، وجونستون، وآيزنهاور، وقناة الغور الشرقية، وتحويل مياه نهر الأردن إلى صحراء النقب وغيرها.
الفصل الثالث تناول خصائص الاقتصاد الأردني، وخطط التنمية الاقتصادية، أما الفصل الرابع فاهتم بالحديث عن القطاع الزراعي، وتبعه الفصل الخامس بالحديث عن القطاع الصناعي، والسادس عن السياسات المالية، وفلسفتها.
أما الفصل السابع والأخير فقد خُصص لدراسة التركيب الاجتماعي في الأردن، ونشوء الطبقات الاجتماعية المختلفة، وأدوارها السياسية والاجتماعية.
يذكر أن فهمي الكتوت هو ناشط سياسي ونقابي وخبير ومحلل وباحث اقتصادي أردني، له أبحاث ودراسات ومحاضرات، وإسهامات في صحف أردنية وعربية عديدة. ومن مؤلفاته:” الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وبرنامج البديل الديمقراطي” ، و”أزمة الرأسمالية العالمية”، و”فهمي الكتوت في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول قضايا الإصلاح السياسي والاقتصادي في الأردن، والمصالحة الفلسطينية، ومحاولات احتواء الثورات العربية، والأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على الوطن العربي”، إضافة إلى مدونة خاصة على الانترنت باسمه تضم مقالاته ودراساته.

طالب صندوق النقد الدولي الحكومة الأردنية بإلغاء جميع الاعفاءات على ضريبة المبيعات ورفع نسبة الضريبة على الدواء والمواد الغذائية والزراعية من 4 الى 12% مقابل تخفيض ضريبة المبيعات على السلع والمواد الخاضعة لنسبة 16% الى 12%، وتخفيض الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الخارج لتتراوح ما بين 3-7%.
من المعروف ان الحكومة بدأت في تنفيذ برنامج ما يسمى بإصلاح مالي واقتصادي للفترة 2016 -2019، بناء على توجيهات صندوق النقد الدولي، وقد اعتبر الصندوق مقترحاته لمساعدة الحكومة في الخروج من مأزق المديونية والوضع الاقتصادي الراهن! في حين لم يجف بعد حبر بيان رئيس بعثة الصندوق في عمان، معلنا ان الأردن اتخذ قرارات جريئة وغير شعبية مكنته من مواجهة تحدياته الاقتصادية. فاذا نجح الأردن في مواجهة التحديات الاقتصادية عبر الإجراءات التقشفية السابقة لماذا الإجراءات الضريبية الجديدة!؟ والتي من المنتظر ان تؤدي الى ارتفاع أسعار الغذاء والدواء والكساء، الامر الذي يعمق الازمة ويسهم في افقار الغالبية العظمى من المواطنين، فان سياسة توحيد العبء الضريبي بين الشرائح والطبقات الاجتماعية وبين مختلف السلع والمواد الضرورية والكمالية، يوسع الفجوة بين الفقراء والاغنياء، في بلد تقدر نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر المطلق نحو 35% استناد الى الجدول (رقم 2.3 توزيع الاسر وافرادها حسب فئات الدخل لعام 2013) الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، ومعدلات البطالة في حالة تصاعد حيث بلغت نسبتها 15.8% وفقا للأرقام الرسمية. كما ان هذه التوجهات الاقتصادية تعبر عن سياسات انكماشية تسهم بلا شك في تراجع النمو الاقتصادي، كما تعزز النمط الاستهلاكي لشريحة معينة، وتضعف القدرة التنافسية للمنتجات المحلي عبر تخفيض الرسوم الجمركية للسلع المستوردة وتعرض الاستثمار المحلي الى مزيد من التدهور.

اتخذ الأردن قرارات جريئة غير شعبية مكنته من مواجهة تحدياته الاقتصادية. هذا ما قاله مساعد مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط واسيا الوسطى مارتن سيريسولا …!

صحيح ان إجراءات قاسية قد اتخذت، وإنها تسببت في آلام ملايين المواطنين ورفعت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر، وعرضت اقساما منهم للفقر المدقع، لكنها لم تمكن الاقتصاد الأردني من مواجهة الازمة. بل اسهمت في تعميق الازمة وتفاقمها.

فقد واصل الاقتصاد الوطني تراجعه، حيث بلغت معدلات النمو خلال النصف الأول لعام  2016 نحو 2.1% وهي تلامس نسبة النمو السكاني الطبيعي، (معنى ذلك لا نمو) بفضل السياسات المالية والاقتصادية السائدة، ومنها الجباية الضريبية التي اضعفت القدرة الشرائية للمواطنين، ورفعت معدلات البطالة الى 15.8% وفق المعلومات الرسمية، في حين ان النسبة الحقيقية تفوق ذلك بكثير،  حيث تراجعت قدرة الاقتصاد الوطني على توليد فرص العمل، كما ارتفع عجز الحساب الجاري من 619 مليون دينار خلال النصف الأول من عام 2015 الى 1635 مليون دينار خلال النصف الأول من العام الحالي 2016، وتراجع رصيد الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي بنحو 1480 مليون دينار في نهاية اب 2016 مقارنة مع نهاية عام 2015. إضافة الى ارتفاع الدين العام الى 25.511 مليار دينار في نهاية تموز الماضي، باستثناء الأرقام غير المعلنة بعد.

تمر الشقيقة مصر في ازمة مالية واقتصادية خطيرة، تواجه محنة قد تعرضها للانهيار الاقتصادي في حال استمرار النهج السائد سياسيا واقتصاديا، وخاصة نهج التبعية السياسة والاعتماد على المساعدات المالية الخارجية، التي اخضعت السيادة الوطنية للابتزاز والرضوخ للشروط الخليجية.
مصر بعد إنجاز خطتها الخمسية الأولى عام 1965 وقفت في مقدمة كل من -إندونيسيا وتايلند وكوريا الجنوبية وماليزيا- وأن القيادة السياسية التي تولت الحكم بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر، تسببت في تقهقر مصر سياسيا وانحدارها اقتصاديا.
تحيا مصر

لم تأت صفقة الغاز بمعزل عن الظروف والتطورات السياسية في المنطقة، مُستغلين حالة الانهيار العربي، وتدمير البنية التحتية لكلٍّ من سوريا والعراق وليبيا واليمن، وإنَّ تهافت أصحاب المشاريع الإمبريالية-الصهيونية-الرجعية نابع من اعتقادهم بان الوقت قد حان لحصاد نتائج المعركة التي خاضتها القوى الظلامية بالوكالة وأنَّ الطريق أصبح معبدًا نحو تصفية القضية الفلسطينية، واخضاع الشعوب العربية لمشيئة الامبريالية.  ان محاولات التوطين وتصفية القضية الفلسطينية ليست جديدة، فقد بدأت منذ أوائل العقد الخامس من القرن الماضي، وأنَّ الشعوب العربية نجحت بدفن هذه المشاريع بمهدها، وان مصير المشاريع الجديدة لن يكون أفضل من سابقاتها.  الاتفاقية التي وقعت مع العدو الصهيوني هي صفقة سياسية بامتياز، وقد جاءت هذه الصفقة بتوجهات أميركية فقد أوردت هيلاري كلنتون في كتابها خيارات صعبة ” بانها طلبت من وزير الخارجية ناصر جودة البدء باتفاق تجاري رئيسي مع “إسرائيل” سرا إذا لزم الامر بإشارة منها الى الغاز الذي اكتشف أخيرا.  نحن لسنا بحاجة لهذه الصفقة اقتصاديا، والتي تتضمن استيراد 225 مليون قدم مكعب باليوم بحلول عام 2019 وتقدر بحوالي 40% من كمية الاستهلاك، علما ان ميناء الغاز في العقبة يعمل بطاقة استيعابية 490 مليون قدم مكعب يوميا، ويمكن ان ترتفع طاقته الى 715 مليون قدم مكعب، عند تشغيل المضخة الاحتياطية لفترات محدودة،  في حين “محطات توليد الكهرباء تستهلك نحو 350 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي المسال المستورد عن طريق ميناء العقبة لإنتاج ما يقارب 85 % من حاجة المملكة من الكهرباء فيما يتم توليد النسبة القليلة المتبقية باستخدام الوقود الثقيل”، وبات الاردن قادرا على تلبية كامل احتياجات قطاع توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي من خلال استيراد الغاز الطبيعي المسال بالبواخر عبر ميناء العقبة وفقا للمعلومات الرسمية الصادرة عن وزارة الطاقة حول استراتيجية قطاع الطاقة للفترة 2015-2025، حيث تقدر حاجة قطاع توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي خلال الفترة 2016- 2025 بحوالي 350 – 420 مليون قدم مكعب، وتنخفض الى حوالي 138 مليون قدم مكعب في 2025 وذلك للأسباب الالية:

مع استمرار نهج التبعية، تتواصل السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي فاقمت الازمة. حزم جديدة من الاجراءات التقشفية تنتظر الاردنيين في قادم الأيام. تقترن هذه السياسات مع انسداد الأفق في الخروج من الازمة، ازمة نهج وسياسات عامة. فقد واصل الاقتصاد الوطني تراجعه خلال العام الماضي 2015 الى 2.4% مقارنة مع 7.5% خلال العقد الماضي، وانخفاض الصادرات المحلية خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 10.7%. وارتفاع معدلات البطالة الى 14.6% في نفس الفترة، علما ان الدلائل تشير الى انها اعلى بكثير. وارتفاع مضطرد بالمديونية التي بلغت 25.365 مليار دينار لغاية نيسان الماضي، كما تقتطع فوائد المديونية مليار دينار سنويا من قوت الفقراء. واتسعت الفجوة الطبقية بتآكل الطبقة الوسطى، وأصبح أكثر من ثلث السكان على حافة الفقر.

بعد يومين من المفاوضات بين قادة الدول السبع، “الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وكندا وإيطاليا في اليابان”، خرجت من مؤتمرها خالية الوفاض. حيث أخفقت القمة في الوصول إلى خطة مشتركة حول كيفية مواجهة تباطؤ النمو الاقتصادي، فقد جاء في البيان الختامي للمؤتمر، “إفساح المجال أمام كل دولة باختيار السبيل المناسب لمواجهة الأزمة، مع التأكيد على أن النمو العالمي يمثل “أولويتهم الملحة” مجددين “التزامهم باستخدام كافة أدوات السياسة الاقتصادية والمالية والميزانية والهيكلية فرادى ومجتمعين” لتحقيق النمو الاقتصادي.

قوبلت الخدمات الجليلة التي قدمتها السعودية للولايات المتحدة، بطعنات من الخلف، فقد دفعت الولايات المتحدة الأمريكية بعلاقاتها مع السعودية نحو التأزم، بعد إصدار الكونغرس الأمريكي تشريعا باسم “قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب” بموافقة جماعية من أعضاء المجلس، يَسمح للنّاجين من أحداث 11 سبتمبر وذوي الضحايا بإقامة دعاوي قضائية ضد الحكومة السعودية للمطالبة بتعويضات. جاءت الخطوة التصعيدية من قبل الجمهوريين والديمقراطيين، بعد الحملة التي قادها الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضد السعودية والدول الخليجيّة، متهمها بنشر الإرهاب.

بعيدًا عن الأسباب التي تذرَّع بها اليمين البرازيلي في عزل ديلما روسيف، هناك أسباب كافية لدى الولايات المتحدة الأمريكية للإطاحة بالحكم في البرازيل، فهي ليست وحدها المستهدفة بل مجموعة من الدول في جنوب القارة الأمريكية التي تحررت من نهج الليبرالية الجديدة، فقد شهد العقد الثامن من القرن الماضي تطبيق سياسات الليبرالية الجديدة المعروفة بإفقار الشعب وإخضاع الدول النامية للتبعية الإمبريالية، من خلال إغراقها بالمديونية، وفرض “سياسة التكيف وإعادة الهيكلة”، التي تختصرها المُنظمات الدولية من صندوق النقد الدولي إلى البنك الدولي ومُنظمة التجارة العالمية، بسياسات “الإصلاح الاقتصادي”.

ليس هناك خلافات جوهرية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري حول القضايا الرئيسية في الوطن العربي وحركات التحرر العالمي. يتشاطر الحزبان عداؤهما للعرب، ودعمهما للكيان الصهيوني، ويتنافسان على من يقدم أفضل الخدمات لجيش الاحتلال، على حساب الشعب العربي الفلسطيني، الذي يعتبر من أبرز ضحايا الاحتكارات الرأسمالية. ويتمسك الحزبان بموقف مشترك من استثمار النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري الذي تتمتع به الولايات المتحدة لفرض شروط الإذعان على شعوب البلدان النامية، وشروط الدولة الأقوى على حلفائها في القارات الثلاث. والتمسك بالدولار كعملة احتياط عالمي باعتباره مصدر قوتها وضعفها في آن، لتبقى أقوى الضعفاء اقتصادياً، وتحتفظ بموقعها على رأس المؤسسات الدولية التي تتحكم في السياسات المالية والنقدية العالمية. أما أوجه الاختلاف بين الحزبين فيمكن تلخيصها بعدد من النقاط: