فهمي الكتوت

 

28/2/2009

 

 

 

 

 

 

 

اجري الدكتور نادر الذهبي- بعد انتظار- تعديلا وزاريا على حكومته, ادخل بموجبه عشرة وزراء جدد, لم يحمل التعديل أية مفاجآت, فقد جاء ضمن الرؤية التقليدية المتعارف عليها في التشكيلات الوزارية, باستبدال وزراء بوزراء جدد, إما بسبب ضعف الأداء او لعدم انسجام الفريق او تبادل الحقائب الوزارية, رغم ان التعديل جاء ضمن ظروف سياسية واقتصادية مختلفة تماما عن الظروف التي كانت سائدة عند تشكيل الحكومة في أواخر عام ,2007 الا ان أحدا لم يلحظ تغييرا ملموسا بالشكل او المضمون يستجيب للمتغيرات.كان يفترض ان يخرج التعديل عما هو مألوف, أولا : لإخفاق النمط السياسي السائد من معالجة المشاكل التي تواجه البلاد, وثانيا مراعاة للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن تطورات إقليمية ودولية, ما يستدعي ضرورة تحقيق اختراق سياسي على طريق الإصلاح للاضطلاع بالمهام الكبيرة, بإحداث تعديل وزاري نوعي يضفي على الحكومة نوعا من الجدية في مواجهة الأزمات المتعددة أبرزها الأزمة الاقتصادية التي تواجه البلاد وتحتاج الى إجراءات غير عادية, وبتدقيق عينة من النمط السائد تلقي الضوء على الصورة المقلقة لما يجري, ففي ظروف »النمو والانتعاش الاقتصادي« وما قبل انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية, قامت الحكومة بزيادة الإنفاق العام بحوالي 27% خلال الشهور الأحد عشر الأولى من عام 2008 قياسا بعام 2007 مسجلة ارتفاعا مقداره (1039) مليون دينار, وقد تم تمويل هذا الإنفاق بالاقتراض, مما سبب ارتفاعا ملحوظا على صافي رصيد الدين الداخلي مقداره 1923 مليون دينار منه تسنيد 800 مليون دينار من حساب الخزينة المكشوف.كيف يمكن مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية ضمن هذا النهج الاقتصادي في البلاد, فالحكومات المتعاقبة بعد ما أغرقت البلاد بالأزمات نتيجة ما يسمى بسياسة الاصطلاح الاقتصادي, وتخلي الدولة عن ممتلكاتها لصالح الشركة الأجنبية باسم التخاصية, وزيادة الاعتماد على الإيرادات الضريبية والقروض في تمويل الإنفاق وتحميل الفئات الشعبية ثمنا باهظا لهذه السياسات, أضف الى ذلك تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تلقي بظلالها على الاقتصاد الأردني, سواء بانخفاض معدلات النمو الاقتصادي المتوقع وفقا لتقديرات خبراء صندوق النقد الدولي, او انخفاض الصادرات الوطنية, وتفاقم عجز الميزان التجاري, واحتمالات عودة قسم من العاملين في دول الخليج العربي, وعدم توفر فرص عمل لهم الى جانب حاجة البلاد لأكثر من خمسين الف فرصة عمل جديدة للعمالة المحلية من خريجي المعاهد والجامعات سنويا عدا عن المتسربين الى سوق العمل, كل ذلك يترك اثارا سلبية على الاقتصاد الوطني وعلى المجتمع الأردني, سواء بزيادة عجز الموازنة, او انخفاض تحويلات المغتربين, او زيادة عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات او ارتفاع المديونية, الامر الذي يقتضي اجراءات غير عادية لمواجهة الازمة الاقتصادية, والتقدم ببرنامج اقتصادي على اسس جديدة.الولايات المتحدة الأمريكية أسقطت السياسات الاقتصادية الليبرالية وتمارس الآن سياسات اقتصادية اجتماعية, منها تأميم البنوك وشراء المؤسسات, ومنها تخفيض الضرائب على الفئات الدنيا والمتوسطة لمواجهة الازمة, هل تملك الحكومة الاردنية الامكانيات المادية للقيام باجراءات مماثلة, باعتبار الوصفة الامريكية هي »العلاج الشافي« بنظر الحكومات المتعاقبة.الخطوة الاولى لمواجهة الازمات تحقيق اصلاح سياسي حقيقي يسهم بتطوير الحياة السياسية وزيادة مساهمة القوى الحية في المجتمع الاردني باطلاق الطاقات والكفاءات الواسعة واطلاق الافكار والاراء التي تسهم باعادة بناء الاقتصاد الوطني على اسس جديدة, وتعبئة الامكانيات كافة للتصدي للتحديات التي تواجه البلاد, وهذا يتطلب توسيع الحريات العامة وإعادة النظر في بعض القوانين وبشكل خاص القوانين المتصلة بالعمل السياسي ومنها قانون الانتخابات وقانون الاجتماعات العامة وقانون الأحزاب, بما يسهم بتطوير الحياة السياسية والحزبية, وتشكيل الحكومات مستقبلا على أسس برامجية تنطلق من المصالح العامة للبلاد بعيدا عن الاعتبارات الشخصية او الاملاءات الخارجية.

أرشيف الكاتب

 

 

 

 

فهمي الكتوت


 

 

 

 

 

21/2/2009

لم يكن مفاجئا دخول سوق العقار المحلي في ازمة اقتصادية هذه الايام, بل هي النتيجة الطبيعية للسياسات الاقتصادية والتوجهات الاستثمارية لهذا القطاع محليا, وتأثره بالازمة المالية والعقارية والاقتصادية عالميا, فالازمة بدأت تظهر مفاعيلها في مختلف القطاعات وبشكل خاص في قطاع العقارات على الرغم من التأكيدات المتكررة للمسؤولين بأن الاردن لن يتأثر بالازمة الاقتصادية على المدى القريب, والمبالغة احيانا بالعناصر الايجابية للازمة العالمية على الاقتصاد الاردني, وفي لقائهم مع المسؤولين اعلن مدراء الشركات العقارية عن حاجتهم لحوالي 200 مليون دينار لمواجهة نقص السيولة, ومساعدة الشركات المتعثرة. علما ان هذا القطاع اسهم بشكل ملموس بتفاقم الازمة نتيجة المضاربات بالاراضي, الامر الذي ادى الى ارتفاع اسعارها بشكل كبير, بالاضافة الى تضخم هذا القطاع بما يفوق احتياجات الاقتصاد الاردني, وقد ترافق ذلك مع ارتفاع اسعار الحديد والاسمنت ومواد البناء عامة نتيجة ارتفاع اسعار المشتقات النفطية, وبالتالي ارتفاع اسعار الشقق السكنية, وعلى الرغم من تراجع اسعار المواد الاولية الا ان اسعار الشقق باقية ضمن مستوياتها المرتفعة, والسبب في ذلك ارتفاع اسعار الاراضي على الرغم من انخفاض الطلب, مع وجود رغبة لدى بعض المستثمرين للاستفادة من انخفاض التكلفة لتحقيق ارباح اضافية, بالاضافة الى الاجراءات البنكية المتشددة في اعطاء القروض وارتفاع اسعار الفائدة على المقترضين والمستثمرين رغم انخفاضها عالميا وتخفيضات البنك المركزي محليا.بعد الاقرار بالازمة كيف يجري التعامل معها? تشير المعلومات الاولية الى ان الحكومة سوف تقوم بشراء اراض من احدى الشركات الاردنية القابضة بحوالي 15 مليون دينار, واوعزت للمسؤولين في الوحدة الاستثمارية للضمان الاجتماعي لشراء 130 دونما من اراضي الشركة بحوالي 20 مليون دينار, قدر ثمن الدونم ما بين 95 الفا الى 200 الف دينار, بالاضافة الى صفقة دابوق المتوقع ابرامها لشراء اراض بحوالي مليار دينار »مباني القيادة العامة سابقا« بعد استثناء المدينة الطبية, ما يشكل ضغطا كبيرا على مستقبل اهم الصناديق السيادية في البلاد, في ظل حالة الركود الاقتصادي والازمة الحادة التي تواجه العالم, وتراجع العديد من المشاريع المشابهة لعدم جدواها الاقتصادية.ان الحكومة تكرر التجربة الامريكية ليس فقط في اسباب الازمة, بل ايضا في سبل معالجتها, فاذا كانت الولايات المتحدة الامريكية تملك من الامكانيات الاقتصادية والمالية ما يمكنها من ضخ اموال لشراء مشاريع متعثرة, او طباعة اوراق نقدية لتمويل المؤسسات المأزومة, فنحن لا نملك المال لننفقه على مثل هذه الشركات, كما ان المواطن الاردني غير معني بتحمل اعباء ناجمة عن اخطاء مدراء شركات متعثرة, وأية مبالغ ترصد في هذا الاتجاه سوف تضاف الى المديونية الضخمة التي يتحمل المواطن عبئها, مع التذكير ان عجز الموازنة المقدر للعام الحالي حوالي 1372 مليون دينار قبل المساعدات, والمديونية تجاوزت ما كانت عليه في نهاية 2007 على الرغم من تسديد ديون دول نادي باريس, اما تحميل الضمان الاجتماعي اعباء كهذه فهو امر يعرض مدخرات الاردنيين للخطر خاصة وان موجودات الوحدة الاستثمارية للضمان الاجتماعي تمر في اسوأ مراحلها بعد الخسارة التي تكبدتها في ايلول الماضي والتي بلغت حوالي 700 مليون دينار, لتصبح الخسارة حوالي 1300 مليون دينار خلال الشهور الثلاثة من العام الماضي في الفترة الواقعة ما بين آب وتشرين اول 2008 وفقا لتصريحات مفلح عقل رئيس هيئة ادارة الوحدة الاستثمارية السابق في الضمان الاجتماعي »لبترا«, والتي تشير لتراجع موجودات الوحدة من 6.2 مليار في نهاية تموز الى 4.9 في نهاية تشرين اول, ومن المفارقات الغريبة ان مشروع قانون الضمان الاجتماعي المطروح على الدورة الاستثنائية المقبلة يتضمن تخفيض رواتب المشتركين الجدد للضمان الاجتماعي بنسبة 37%, بتخفيض احتساب الراتب التقاعدي من 2.5% الى 1.58%. ينبغي وقف تبديد اموال الضمان, والابقاء على رواتب المتقاعدين للمشتركين الجدد.

أرشيف الكاتب

 

 

 


 

 

 

فهمي الكتوت

14/2/2009

سجل عام 2008 ارتفاعا ملحوظا في معدلات التضخم بلغت نسبتها حوالي 15% قياسا لعام ,2007 صحيح ان للعوامل الخارجية تأثيرا مباشرا على مستويات التضخم, الا ان هذا التأثير لا يتجاوز الثماني نقاط مئوية وفقا لتقرير البنك المركزي الصادر في كانون ثاني ,2009 اما العوامل المحلية فقد اسهمت برفع نسبة التضخم ما مقداره حوالي 7 نقاط مئوية, وذلك بسبب تحرير اسعار المشتقات النفطية في شباط ورفع اسعار الكهرباء خلال شهر آذار من العام الماضي. وتبعا لذلك شهدت البلاد ارتفاعا ملحوظا لأسعار المواد الغذائية والمواد الاستهلاكية الضرورية, واجور النقل والخدمات العامة, وقد بلغ ارتفاع مجموعة المواد الغذائية خلال عام 2008 ما نسبته 18.8% بالمقارنة مع عام ,2007 علما ان وزن هذه المجموعة يشكل حوالي 39.7% في سلة (CPI المواد الاساسية الضرورية), وقد جاء هذا الارتفاع مدفوعا بارتفاع اسعار الزيوت والدهون بنسبة 31.6% والالبان ومنتجاتها والبيض 31.2% واسعار الحبوب ومنتجاته 30.9% والفواكه 26.2% والخضراوات 16.4% واللحوم والدواجن 16.1% والاسماك 11.7% وذلك وفقا لأحدث التقارير الصادرة عن البنك المركزي.ورغم انخفاض اسعار السلع والمواد الاولية عالميا وبشكل كبير، وانهيار اسعار بعض المواد الاساسية بسبب انخفاض الطلب عليها نتيجة الازمة الاقتصادية العالمية، مثل النفط, حيث وصل الى دون مستوياته في السنوات الاخيرة, الا ان معدلات التضخم في بلادنا بقيت مرتفعة مما يشير الى خلل كبير يعود للأسباب التالية:أولا: فرض الحكومة ضريبة مبيعات بنسبة 16% على مادة البنزين اوكتان 95 و 4% على بنزين اوكتان ,90 من دون الاعلان الرسمي عن فرض هذه الضريبة, مستغلة تعويم اسعار المشتقات النفطية واجراء التعديلات الشهرية على اسعار المشتقات النفطية وفي ظل غياب الشفافية في تسعيرها, اضافة الى رفع اسعار الكهرباء والنقل بشكل كبير. وقد ادى هذا التوجه الى زيادة الاعباء الضريبية على المواطنين, وزيادة اعتماد الخزينة على الايرادات الضريبية, نتيجة تطبيق سياسة التخاصية وتخلي الخزينة عن ايراداتها من المؤسسات الوطنية التي اصبحت مملوكة لشركات اجنبية.

ثانيا: عدم وجود رقابة فاعلة على التجار بسبب تحرير التجارة الداخلية والخارجية واعطاء الحرية المطلقة للتجار, وفرض آلية السوق, وتخلي الهيئات الرسمية عن دورها الرقابي على الاسعار, فرغم الانخفاض العالمي للاسعار, الا ان المواطن لم يستشعر اثر ذلك في السوق المحلية, وقد تكررت »مناشدات« كبار المسؤولين للتجار لتخفيض اسعارهم من دون جدوى.

ان فشل السياسة الليبرالية في بلادنا بعد ما جلبت الويلات على الغالبية العظمى من ابناء المجتمع الاردني, وسقوطها عالميا بعد ما احدثته من انهيارات اقتصادية وكوارث عالمية, لم يشكلا حافزا للحكومة لتغيير نهجها, فما زالت متمسكة بالنهج الاقتصادي الليبرالي ما يقتضي ممارسة الضغوط على الحكومة من قبل مؤسسات المجتمع المدني لتغيير نهجها وفقا للمصالح الوطنية, والاقدام على اجراءات سريعة تكفل اعادة الاعتبار لدور الدولة الرقابي لضبط الاسعار في السوق المحلية بما يسهم بتخفيض التضخم, وربط التجارة الخارجية بالمصالح الوطنية العليا للبلاد, واعادة استملاك بعض المؤسسات الحيوية انطلاقا من مبدأ تعزيز السيادة الوطنية عليها.  
أرشيف الكاتب

وزير العمل لـ العرب اليوم : الظاهرة مقلقة وتدعو للتحوط

 5/2/2009العرب اليوم – سلامة الدرعاوي

كشف وزير العمل باسم السالم ان الوزارة تلقت الشهر الماضي 9 قضايا تتعلق بتسريح عدد من العاملين في شركات في عدد من القطاعات الاقتصادية.وقال الوزير السالم في تصريح خاص لـ “العرب اليوم” ان الوزارة ومن خلال لجنة تنظر في طلبات الشركات بالسماح بإعادة هيكلتها وذلك بعد انخفاض ارباحها بعد التأكد من عدم مخالفتها للمادة 31 من قانون العمل الاردني.والمح السالم ان عدد الطلبات المقدمة من الشركات يعطي مؤشرا يدعو للقلق إذ ان الوزارة كانت قد تلقت 19 طلبا مماثلا خلال العام الماضي في الوقت الذي تلقت فيه الوزارة 9 طلبات خلال الشهر الاول من العام الحالي.واشار ان الطلبات تضمنت تسريح عدد كبير من العمالة الوافدة اضافة لعمالة محلية, الامر الذي يتطلب من المسؤولين تضافر جهودهم لمعالجة الوضع القائم واحلال العمالة الاردنية مكان الوافدة وذلك في ظل الوضع الذي تعاني منه الاقتصادات والذي تشير مؤشراته الى عدم امكانية ايجاد فرص عمل جديدة خلال العام الحالي في ظل الازمة المالية العالمية.هذا وتقدر القوى العاملة الاردنية بحوالي 300 الف عامل, فيما يبلغ عدد العمالة المصرية المتواجدة على الأراضي الأردنية بشكل رسمي ما يقارب 230 ألف عامل وفق احصاءات وزارة العمل, ويصل عدد العاملين في المنازل الحاملين لتصاريح عمل سارية المفعول وفق إحصاءات وزارة العمل ما يقارب 43 ألف عامل وعاملة. وكان مجمل أعداد العمالة في المناطق المؤهلة “الست” وفق تقرير صادر عن الوزارة حوالي 44.5 الف عامل وعاملة منهم حوالي 11.2 الف اردنيون. 

7/2/2009
 فهمي الكتوت                                                                           

كثرت التصريحات والتحليلات حول حجم المؤامرة التي تواجه القضية الفلسطينية اولا, والهوية الوطنية  ثانيا, والامن القومي العربي ثالثا, ورغم صحة معظم هذه التصريحات والتحليلات الا ان الموقف الفلسطيني والعربي لم يرق الى مستوى خطورتها, وبدلا من مواجهة الواقع العربي الاليم ولملمة الصفوف وبناء موقف عربي يسهم في مواجهة المؤامرة, شهد الوطن العربي مزيدا من الانقسام والتصدع, وانعكس ذلك سلبا على الاطراف الفلسطينية, كما عمقت الخلافات الفلسطينية الانقسام العربي, وقبل الحديث عن المؤامرة ينبغي صب الاهتمام بشكل رئـيسي باتجاه انقاذ الشعب الفلسطيني من الكارثة التي خلفها العدوان الاجرامي, وتسخير كل الجهود والامكانيات لتقديم المساعدات السريعة لتوفير الاحتياجات الضرورية للمنكوبين والمحاصرين في القطاع, ويبدو ان الخلافات الفلسطينية تركت اثارا سلبية على سرعة معالجة نتائج العدوان على المواطنين, فبدلا من ارسال فرق الانقاذ السريع لازالة الانقاض وتوفير السكن المؤقت للمواطنين والبدء باعمار ما دمره العدوان, دخلت الفصائل في سجال عقيم حول الشرعية والتنافس على السلطة على حساب ضحايا العدوان الاسرائـيلي, فالحديث عن صمود الشعب الفلسطيني وتصديه للعدوان ينبغي ان يترافق مع خطوات عملية ملموسة لازالة اثار العدوان عن اهل غزة.

وللاسف الشديد بدلا من ذلك فوجئ الرأي العام بالاجراءات التصعيدية من قبل الاطراف الفلسطينية التي اسهمت في تعميق الانقسام, في حين كنا نعتقد ان بشاعة العدوان وحجم المؤامرة يشكلان سببا كافيا لتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وتحقيق الوحدة الوطنية, باعتبارها خطوة ضرورية لا بديل عنها من اجل الخروج من الازمة. فلا خيار امام الفصائل الفلسطينية ولا بديل عن الوحدة الوطنية, مهما اتسعت الخلافات, وبغض النظر عن المعطيات التي طرحت لتوسيع شقة الخلاف, من المفيد الاستفادة من التجربة الصينية في هذا المجال فالتحالف التاريخي الذي تشكل ما بين تشاي كاي شيك وماو تسي تونغ في مواجهة العدوان الياباني على الصين كان له اثر في دحر المحتلين, رغم الثورة الشعبية الحمراء التي قادها ماو ضد شيك وحلفائه, وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واصل الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسي تونغ ثورته حتى النصر, رغم انني على ثقة تامة ان الخلافات بين الفصائل الفلسطينية ليست من النوع الذي يصل حد الصراع الذي كان سائدا بين الاطراف الصينية, كون جميع الفصائل الفلسطينية انطلقت من جذور وطنية واحدة اساسها التحرر الوطني الفلسطيني, صحيح ان هناك حالات شاذة ومظاهر غريبة وانحرافات ملموسة وتحركات واتصالات ونشاطات مشبوهة للبعض لكن ينبغي عدم التعميم, فالبنية الاساسية للفصائل الفلسطينية تمثل طموحات الشعب الفلسطيني في الاستقلال والتحرر, لذلك لا بد من الاعتراف الكامل بدور الاخر في الحياة السياسية والاجتماعية بعيدا عن الاقصاء والهيمنة, وان الواقع السياسي الفلسطيني يعكس ارادة الشعب الفلسطيني الذي عبر عنها في صناديق الاقتراع, كما ان الشعب الفلسطيني بحكم خصوصيته وتوزعه في مناطق ومناخات مختلفة, يتمتع بالتنوع والتعددية, صحيح ان الخلافات السياسية ازدادت حدة بين الاطراف الفلسطينية بسبب الفشل الذريع الذي لحق بنهج اوسلو, الا ان احدا لا يستطيع نفي الاخر لمجرد وجود هذا الكم من الخلافات وان الطريق المسدود الذي وصل اليه نهج اوسلو يفرض على الاطراف الفلسطينية البحث عن مخرج حقيقي للازمة باعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية, والاستفادة من الطاقات الفلسطينية الجبارة في توجيه النضال الوطني بمختلف الاشكال والاساليب, والتصدي للمؤامرة المتمثلة بتكريس الانقسام سياسيا وجغرافيا وحل الالحاق.

ونحن في الاردن من اكثر الدول تضررا من هذه المؤامرة بعد الشعب الفلسطيني الامر الذي يتطلب سلسلة تدابير للتصدي للمؤامرة سواء على المستوى القومي او على المستوى المحلي, ومن ابرزها تحرك نشط وواسع لمساعدة الشعب الفلسطيني لتحقيق وحدته الوطنية على اسس مبدئية من دون الانحياز الى طرف. وتفعيل موقف عربي ضاغط على امريكا واوروبا باتجاه تبني الحقوق الوطنية الفلسطينية, وهذا يتطلب تحشيد الطاقات العربية السياسية والاقتصادية والدبلوماسية لخدمة هذا التوجه بما في ذلك تهديد مصالح الدول التي تعادي قضايانا الوطنية والقومية, والاقلاع عن اسلوب الاستجداء في العلاقات الدولية, ومطلوب محليا انفتاح على القوى الوطنية من هيئات ونقابات واحزاب على مختلف تلاوينها السياسية وفتح حوار وطني حول كافة الاخطار التي تواجه البلاد اقتصاديا وسياسيا وسبل الخروج منها.

أرشيف الكاتب