من الصَّعب الفصل بين ما يجري في الوطن العربي من مجازر دموية على أيدي الحركات السياسية الظلامية، وسياسة الإفقار والتجويع التي تمارسها المراكز الرأسمالية العالمية، ضد شعوب الأرض قاطبة. ومحاولة الانقلاب العسكري ضد السلطة الشرعية المنتخبة بقيادة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لصالح الاحتكارات الرأسمالية بتدبير من الإمبريالية الأمريكية؛ فالرأسمالية المتوحشة ترتكب كل الموبقات من قتل وتدمير وحروب لنهب الثروات سواء باسم الدين أو حقوق الإنسان…أو غيرها من المفردات. لصالح الواحد في المئة الأغنى في العالم الذين يملكون ثروة أكبر مما يملكه الـ99 في المئة الباقية في العالم، ومع ذلك تحتفل في اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية !

لم يجد حزب سيريزا اليساري الذي فاز في الانتخابات النيابية الشهر الماضي متسعًا من الوقت للاحتفال بهذه المناسبة التاريخيّة، فإن يحصل حزب يساري على أغلبيّة نيابيّة تمكنه من تشكيل حكومة ليس بالأمر العادي، في ظل منظومة من القوانين والمؤسسات التي أنشأتها الرأسماليّة على مدى قرون، ليس في حدود الدولة اليونانية فحسب، بل وفي ظل سطوة العولمة الرأسمالية وتشابك مصالحها، إضافة إلى الروابط المتعددة التي تتحكم بعلاقاتها وتوجهاتها الدوليّة. فاليونان عضو في الاتحاد الأوروبي، وضمن مجموعة دول اليورو، وعضو في الحلف الأطلسي. ومثقل باتفاقيات مجحفة مع صندوق النقد الدولي ودول الاتحاد الأوروبي. ولليونان تجارب سابقة في هذا المضمار، فقد سبق واقترب اليسار اليوناني من الحكم مرتين، وأبعد بالقوة، المرة الأولى عن طريق التدخل الأجنبي بعد الحرب العالمية الثانية، والمرة الثانية باستيلاء الجيش على السلطة في عام 1967.

جريدة الرؤية العمانية: كلما اشتدَّ الصِّراع بين الشعوب العربية والنظم الديكتاتورية المدعومة من الإمبريالية والصهيونية، كما لجأت الإمبريالية وحلفاؤها إلى ارتكاب أبشع الجرائم في مُواجهة المطالب الشعبية بالحرية والديمقراطية والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.. فقد نجحتْ الامبريالية بحَرْف الثورات الشعبية عن مسارها، وفجَّرت صراعات مذهبية طائفية عنصرية، وعرَّضتْ مئات الآلاف من السوريين والعراقيين والفلسطينيين واللبنانيين للقتل والتهجير. وجاءت حادثة اغتيال الشهيد معاذ الكساسبة لتضيف إلى قائمة الجرائم التي ارتكبتها الحركات الإرهابية جريمة جديدة، خاصة الطريقة البشعة التي نفذت بها الاغتيال؛ بهدف إشاعة الذعر والخوف بين الأوساط الشعبية التي تتصدَّى للإرهاب؛ فقد أصبحت الشعوب العربية تشعر بالتهديد في أوطانها؛ الأمر الذي يتطلَّب تصديًا حقيقيًّا للإرهاب ليس من خلال الأجندة الخاصة للولايات المتحدة الأمريكية، بل عَبْر مشروع عربي مشترك للدول التي تواجه خطر الإرهاب.