ناولت هذا الموضوع في مقال سابق بعد ان صوبت الاحزاب السياسية الاربعة عشر اوضاعها وفقا للقانون الجديد, ظهر جليا انني لست متفائلا من مستقبل الحياة الحزبية في البلاد, لعدم تحقيق اي تقدم تجاه الاصلاح السياسي, وحزمة القوانين المحيطة والمتصلة بالحريات العامة والانتخابات النيابية كان اخرها قانون الاحزاب السياسية, تولد شعور عام بعدم جدية الحكومات تجاه قضية الاصلاح السياسي الذي تبنته من دون ان تحقق خطوة واحدة بهذا الاتجاه, بل على العكس من ذلك شكلت القوانين الصادرة حالة ارتداد تجاه الحياة الحزبية والديمقراطية, وانهارت الفرصة الاخيرة باجراء الانتخابات النيابية في خريف العام الماضي وفقا لقانون الصوت الواحد, وبحجم التدخلات الرسمية وغير الرسمية للتأثير على النتائج, على الرغم من تسويق بعض المقولات التي لم تصمد امام الواقع, بان الحكومة تملك الارادة السياسية لتحقيق اختراق ما نحو ترميم الحياة الديمقراطية, باجراء تعديلات على قانون الانتخابات, مل المتتبع تكرار عبارة الاصلاح واصبحت ممجوجة.

تمكن 14 حزبا سياسيا من اجتياز يوم الخامس عشر من نيسان بنجاح, بعد ان صوبت هذه الاحزاب اوضاعها وفق القانون الجديد. الاحزاب التي صوبت اوضاعها تمثل مختلف الوان الطيف السياسي من اتجاهات يسارية وقومية وإسلامية وأحزاب وسطية ومحافظة. بينها احزاب تاريخية تأسست منذ اواسط القرن الماضي وكان لها دور هام في الحياة السياسية في البلاد. واحزاب حديثة العهد تكونت بعد عام 92 ، القانون الجديد جاء »لتطوير« الحياة الحزبية بشكل قسري!

اما بعد ان تمكنت هذه الاحزاب من الاجتياز, فهل نجح القانون, او سوف ينجح بتفعيل الحياة الحزبية في البلاد, كما اوحت الجهات التي وقفت خلفه? وهل يعني اقبالا جماهيريا على الاحزاب السياسية سوف تشهده البلاد بعد تقليص عدد الاحزاب الى النصف? وهل ننتظر وصول نواب على قوائم حزبية برامجية الى البرلمان يسهمون بتطوير اداء المجلس القادم وتسييسه ومساءلة الحكومة, واصدار تشريعات تتعلق بموضوعات ديمقراطية واقتصادية ومكافحة الفساد? من اعتقد ذلك فهو واهم, اما اذا كان الهدف من هذه الاجراءات التعجيزية انهاء الاحزاب السياسية لم يفلح القانون بتحقيق هذا الهدف ايضا.

اعلن وزير المالية ان ملحقا للموازنة العامة بقيمة 500 مليون دينار اصبح جاهزا للاقرار, كما اعلن ان وزارته تعد مشروعا جديدا لقانون ضريبة الدخل, يتضمن توحيد الضرائب على كافة القطاعات الاقتصادية, تصريحات الوزير تحمل بطياتها اخطارا حقيقية على الاقتصاد الوطني وتعمق من ازمته للاعتبارات التالية:

اولا: اقرار الملحق يعني زيادة بالنفقات العامة لتصل الى 5725 مليون دينار اي بزيادة قدرها 1120 مليون دينار عن موازنة عام 2006 علما ان الحكومة تخلت عن دعم المشتقات النفطية باستثناء دعم محدود للغاز, وبالمقابل فرضت ضريبة مبيعات على البنزين, وبناء عليه ارتفع عجز الموازنة الى 1224 مليون دينار اي حوالي 9% من الناتج المحلي الاجمالي بعد المساعدات, كان المؤمل تخفيض النفقات لا زيادتها في موازنة عام ,2008 وقد سعت مختلف الاوساط السياسية والاقتصادية ومن بينها اللجنة المالية لمجلس النواب لتخفيض النفقات, الا ان كافة المساعي باءت بالفشل لتذرع الحكومة بان هذه الاموال سوف تنفق على شبكة الامان الاجتماعي وزيادة الرواتب, واليوم تفاجئنا وزارة المالية بتقديم نفس المبررات لاصدار ملحق الموازنة!