طالب صندوق النقد الدولي الحكومة الأردنية بإلغاء جميع الاعفاءات على ضريبة المبيعات ورفع نسبة الضريبة على الدواء والمواد الغذائية والزراعية من 4 الى 12% مقابل تخفيض ضريبة المبيعات على السلع والمواد الخاضعة لنسبة 16% الى 12%، وتخفيض الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الخارج لتتراوح ما بين 3-7%.
من المعروف ان الحكومة بدأت في تنفيذ برنامج ما يسمى بإصلاح مالي واقتصادي للفترة 2016 -2019، بناء على توجيهات صندوق النقد الدولي، وقد اعتبر الصندوق مقترحاته لمساعدة الحكومة في الخروج من مأزق المديونية والوضع الاقتصادي الراهن! في حين لم يجف بعد حبر بيان رئيس بعثة الصندوق في عمان، معلنا ان الأردن اتخذ قرارات جريئة وغير شعبية مكنته من مواجهة تحدياته الاقتصادية. فاذا نجح الأردن في مواجهة التحديات الاقتصادية عبر الإجراءات التقشفية السابقة لماذا الإجراءات الضريبية الجديدة!؟ والتي من المنتظر ان تؤدي الى ارتفاع أسعار الغذاء والدواء والكساء، الامر الذي يعمق الازمة ويسهم في افقار الغالبية العظمى من المواطنين، فان سياسة توحيد العبء الضريبي بين الشرائح والطبقات الاجتماعية وبين مختلف السلع والمواد الضرورية والكمالية، يوسع الفجوة بين الفقراء والاغنياء، في بلد تقدر نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر المطلق نحو 35% استناد الى الجدول (رقم 2.3 توزيع الاسر وافرادها حسب فئات الدخل لعام 2013) الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، ومعدلات البطالة في حالة تصاعد حيث بلغت نسبتها 15.8% وفقا للأرقام الرسمية. كما ان هذه التوجهات الاقتصادية تعبر عن سياسات انكماشية تسهم بلا شك في تراجع النمو الاقتصادي، كما تعزز النمط الاستهلاكي لشريحة معينة، وتضعف القدرة التنافسية للمنتجات المحلي عبر تخفيض الرسوم الجمركية للسلع المستوردة وتعرض الاستثمار المحلي الى مزيد من التدهور.

اتخذ الأردن قرارات جريئة غير شعبية مكنته من مواجهة تحدياته الاقتصادية. هذا ما قاله مساعد مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط واسيا الوسطى مارتن سيريسولا …!

صحيح ان إجراءات قاسية قد اتخذت، وإنها تسببت في آلام ملايين المواطنين ورفعت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر، وعرضت اقساما منهم للفقر المدقع، لكنها لم تمكن الاقتصاد الأردني من مواجهة الازمة. بل اسهمت في تعميق الازمة وتفاقمها.

فقد واصل الاقتصاد الوطني تراجعه، حيث بلغت معدلات النمو خلال النصف الأول لعام  2016 نحو 2.1% وهي تلامس نسبة النمو السكاني الطبيعي، (معنى ذلك لا نمو) بفضل السياسات المالية والاقتصادية السائدة، ومنها الجباية الضريبية التي اضعفت القدرة الشرائية للمواطنين، ورفعت معدلات البطالة الى 15.8% وفق المعلومات الرسمية، في حين ان النسبة الحقيقية تفوق ذلك بكثير،  حيث تراجعت قدرة الاقتصاد الوطني على توليد فرص العمل، كما ارتفع عجز الحساب الجاري من 619 مليون دينار خلال النصف الأول من عام 2015 الى 1635 مليون دينار خلال النصف الأول من العام الحالي 2016، وتراجع رصيد الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي بنحو 1480 مليون دينار في نهاية اب 2016 مقارنة مع نهاية عام 2015. إضافة الى ارتفاع الدين العام الى 25.511 مليار دينار في نهاية تموز الماضي، باستثناء الأرقام غير المعلنة بعد.

تمر الشقيقة مصر في ازمة مالية واقتصادية خطيرة، تواجه محنة قد تعرضها للانهيار الاقتصادي في حال استمرار النهج السائد سياسيا واقتصاديا، وخاصة نهج التبعية السياسة والاعتماد على المساعدات المالية الخارجية، التي اخضعت السيادة الوطنية للابتزاز والرضوخ للشروط الخليجية.
مصر بعد إنجاز خطتها الخمسية الأولى عام 1965 وقفت في مقدمة كل من -إندونيسيا وتايلند وكوريا الجنوبية وماليزيا- وأن القيادة السياسية التي تولت الحكم بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر، تسببت في تقهقر مصر سياسيا وانحدارها اقتصاديا.
تحيا مصر

لم تأت صفقة الغاز بمعزل عن الظروف والتطورات السياسية في المنطقة، مُستغلين حالة الانهيار العربي، وتدمير البنية التحتية لكلٍّ من سوريا والعراق وليبيا واليمن، وإنَّ تهافت أصحاب المشاريع الإمبريالية-الصهيونية-الرجعية نابع من اعتقادهم بان الوقت قد حان لحصاد نتائج المعركة التي خاضتها القوى الظلامية بالوكالة وأنَّ الطريق أصبح معبدًا نحو تصفية القضية الفلسطينية، واخضاع الشعوب العربية لمشيئة الامبريالية.  ان محاولات التوطين وتصفية القضية الفلسطينية ليست جديدة، فقد بدأت منذ أوائل العقد الخامس من القرن الماضي، وأنَّ الشعوب العربية نجحت بدفن هذه المشاريع بمهدها، وان مصير المشاريع الجديدة لن يكون أفضل من سابقاتها.  الاتفاقية التي وقعت مع العدو الصهيوني هي صفقة سياسية بامتياز، وقد جاءت هذه الصفقة بتوجهات أميركية فقد أوردت هيلاري كلنتون في كتابها خيارات صعبة ” بانها طلبت من وزير الخارجية ناصر جودة البدء باتفاق تجاري رئيسي مع “إسرائيل” سرا إذا لزم الامر بإشارة منها الى الغاز الذي اكتشف أخيرا.  نحن لسنا بحاجة لهذه الصفقة اقتصاديا، والتي تتضمن استيراد 225 مليون قدم مكعب باليوم بحلول عام 2019 وتقدر بحوالي 40% من كمية الاستهلاك، علما ان ميناء الغاز في العقبة يعمل بطاقة استيعابية 490 مليون قدم مكعب يوميا، ويمكن ان ترتفع طاقته الى 715 مليون قدم مكعب، عند تشغيل المضخة الاحتياطية لفترات محدودة،  في حين “محطات توليد الكهرباء تستهلك نحو 350 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي المسال المستورد عن طريق ميناء العقبة لإنتاج ما يقارب 85 % من حاجة المملكة من الكهرباء فيما يتم توليد النسبة القليلة المتبقية باستخدام الوقود الثقيل”، وبات الاردن قادرا على تلبية كامل احتياجات قطاع توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي من خلال استيراد الغاز الطبيعي المسال بالبواخر عبر ميناء العقبة وفقا للمعلومات الرسمية الصادرة عن وزارة الطاقة حول استراتيجية قطاع الطاقة للفترة 2015-2025، حيث تقدر حاجة قطاع توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي خلال الفترة 2016- 2025 بحوالي 350 – 420 مليون قدم مكعب، وتنخفض الى حوالي 138 مليون قدم مكعب في 2025 وذلك للأسباب الالية: