تواصل حركة حماس اتصالاتها بالعواصم العربية للتشاور حول كيفية مواجهة المرحلة المقبلة, فقد بدأت جولتها في القاهرة بالاجتماع مع عمرو موسى الامين العام للجامعة العربية وعمر سليمان الوزير المفوض, وواصلت جولتها للعواصم العربية, ومن المتوقع زيارة موسكو في نهاية هذا الشهر.لقد صاغت حركة حماس برنامجها السياسي انطلاقا من رؤيتها الخاصة للقضية الفلسطينية على اساس تحرير كامل الاراضي الفلسطينية ورفضها الاعتراف باسرائيل وبكافة الاتفاقيات التي ابرمت معها, وبشكل خاص اتفاقية اوسلو وما تبعها من اتفاقيات ولجان وانشطة افرزتها هذه الاتفاقية ، كان من السهل على حماس صياغة موقفها هذا وهي في صفوف المعارضة اما وقد اصبحت في السلطة فالامر يختلف تماما فلم تعد بهذه البساطة, فهي امام استحقاقات لا يمكن القفز عنها, وصعوبات وتعقيدات لا بد من التعامل معها, فهناك مؤسسات لدولة ما زالت تحت الاحتلال, تتحمل القيادة الفلسطينية اعباءها وتبعاتها المادية والاجتماعية والتربوية والصحية.. كما ان الاحتلال الاسرائيلي ما زال في الاراضي الفلسطينية, ويسيطر على كافة المعابر للقادمين والمغادرين باستثناء معبر رفح الذي جرى ترتيبه بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي, اما التجارة الخارجية فهي تتم عن طريق الموانئ الاسرائيلية والمعابر التي تشرف عليها اسرائيل, مما يتطلب وجود انشطة وفعاليات مشتركة لادارة القضايا المتشابكة والمتداخلة, هذا اذا افترضنا ان النشاط الفلسطيني سوف ينحصر في المرحلة المقبلة بادارة المناطق الفلسطينية من دون اي تقدم في موضوع التسوية.    لا شك ان حماس بحاجة الى مواقف مرنة وصلبة بنفس الوقت لتتمكن من التعامل مع المحتلين من جهة, وادارة الصراع من جهة اخرى, وهنا لا بد من التمييز بين المرونة والهرولة, ما هو مرفوض شعبيا, وما هو مقبول وممكن التعاطي معه, فالجلوس مع الاسرائيلي والتباحث معه في القضايا المختلفة سواء كانت تتعلق بادارة القضايا المتشابكة بحكم وجود الاحتلال في الاراضي الفلسطينية والمعابر امر غير محرم, وهو يدخل في باب التعامل مع الواقع الموجود على الارض الفلسطينية لقد افادت قيادة حماس ان المفاوضات مع اسرائيل مسؤولية م .ت .ف وليست مسؤولية السلطة, وهي خارج م.ت.ف لكنها سوف تحترم الاستحقاقات الناجمة عن هذه الاتفاقيات المبرمة, لا بد من التذكير ان من يشكل قوة اساسية في المجلس التشريعي سيكون قوة فاعلة في المجلس الوطني الفلسطيني وفي م.ت .ف كما اعلنت في مكان اخر ان المطلوب الاعتراف بالحقوق الفلسطينية قبل كل شيء وليس باسرائيل ولكل حادث حديث, وهذا صحيح لا شك ان قيادة حماس تتمتع بذكاء سياسي وبقدر مناسب من البرجماتيه, مما يجعلها لا تغلق الابواب, كما انها لا تلقي بكل اوراقها على الطاولة من دون اي ثمن, امام قيادة سياسية اسرائيلية تتنكر لكافة الحقوق الفلسطينية, وتتعامل بدهاء لاستغلال الوضع الدولي الذي تمسك الولايات المتحدة الامريكية باوراقه الرئيسية.لقد افشل المتطرفون الصهاينة اتفاق اوسلو منذ اغتيال رابين, على الرغم ان هذا الاتفاق بحد ذاته لا يحقق الطموحات العربية باستعادة الاراضي المحتلة واقامة الدولة الفلسطينية, وقوبل بمعارضة شعبية ووطنية اثناء توقيعه, ومع ذلك اسرائيل التي احبطته وليس الفلسطينيون وبعد مرور اكثر من عشرة اعوام على اتفاق اوسلو وتغييب كل من رابين وعرفات عن الساحة السياسية, وكذلك غياب احزابهم عن السلطة, فلم يعد اتفاق اوسلو قائما, الليكود رفض التعامل معه, وكذلك حماس رفضته, مما يعني ان هناك ضرورة موضوعية لاعادة تقييم هذه التجربة, فالشعب الفلسطيني اختار قيادة جديدة بسبب استخفاف الاسرائيليين بحقوقه الوطنية وفشل اتفاق اوسلو في تحقيق تسوية شاملة تكفل الحقوق الوطنية الفلسطينية.لا نقول ان خيار السلام والمفاوضات قد سقط نهائيا لان مقومات النهج البديل غير كافية لفرض ارادة الشعب الفلسطيني على المحتلين لكنس الاحتلال, لكن المطلوب وضع تصورات مستقبلية تسهم بها مختلف القوى والفصائل الفلسطينية لمواجهة المرحلة المقبلة, لا تسقط منها مقاومة الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي المحتلة بكافة السبل والوسائل المتاحة, وفتح الطريق امام تسوية سلمية تضمن اقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود (67) وعاصمتها القدس وضمان حق العودة.اذا التفاوض مع الاسرائيليين تحت مظلة الامم المتحدة او الرباعية لبحث موضوع تنفيذ قرارات مجلس الامن المتعلقة بالانسحاب الاسرائيلي من الاراضي المحتلة غير محرم, شريطة ان تستند المباحثات مع الاسرائيليين على قرارات الشرعية الدولية التي تكفل الانسحاب الكامل الى حدود 67 على ان لا تتكرر مهزلة المفاوضات المرثونية المقيتة على كل شارع وحي في كل مدينة وقرية والعودة الى تقسيمات (أ) و (ب)  ،   عندما تتمخض هذه المفاوضات عن اتفاق شامل حول القضايا المذكورة يمكن لاي فيصل او حزب فلسطيني يتمتع بارادة شعبية ويتوصل الى صيغة كهذه ان يوقع معاهدة سلام مقرونة باعتراف متبادل.

المتتبع للموازنة العامة يرصد ظاهرة لافته ، وجود فجوة كبيرة بين الموازنة التقديرية والفعلية ، ولدى تحليل موازنة السنوات السابقة نلاحظ ما يلي:  شهدت أعوام  2004- 2005  نموا ملحوظا في الإيرادات المحلية  تجاوزت تقديرات الموازنة بشكل كبير حيث بلغت الزيادة (313  ، 505) مليون دينار على التوالي  ، أما السنوات السابقه لهذا التاريخ 2000- 2003  فقد شهدت انخفاضا كبيرا قياسا للموازنة التقديرية بشكل لافت أيضا ، بلغت قيمة الانخفاض 662.6 مليون دينار عن السنوات المذكورة موزعه على التوالي ( 175.9 ، 178.4 ، 203.9 ، 104.4 ) مليون دينار .      ما هي أسباب هذه الظاهرة  ، هل هناك دوافع سياسية وراء المبالغة في التقديرات ، سواء كانت سلبية أم إيجابية  ،أم أنها ناجمة عن أخطاء في إعداد الموازنة وسوء تقدير لحجم النمو الاقتصادي ، هل تتعمد الإدارة المالية بناء على توجهات سياسية بزيادة الإيرادات المحلية المقدرة  لتخفيض الفجوة بين النفقات والإيرادات أحيانا ، أو لتمرير نفقات بالموازنة ، او تخفيض الإيرادات لتبرير زيادة الضرائب ورفع الأسعار ، أيا كانت الأسباب فقد أدت هذه السياسات إلى إعطاء صورة مشوشة للموازنة لعدم دقة المعلومات التي تقدمها الحكومة بصيغة مشروع قانون ، كما أدت هذه الظاهرة إلى تفاقم العجز المزمن في الموازنة مما دفع الحكومة إلى زيادة العبء الضريبي على المواطنيين . على ضوء ما تقدم يمكن تسجيل الملاحظات التالية :--الانخفاض الكبير في التقدير للسنوات 2000- 2003  أدى إلى زيادة العجز المزمن في الموازنة .– هذا الانخفاض دفع أصحاب القرار إلى إجراء تعديل على قانون الضريبة العامه على المبيعات عام 2004  بزيادة  نسبتها من 13% – 16% .– تخفيض الإيرادات المحلية المقدرة لعام 2005  والبالغة (505) مليون دينار ربما هي  محاولة لتخفيف ردود الفعل على حجم الجبايه الضريبية التي تستهدف الفئات الشعبية .– لم يجر الاستفادة من الزيادة الكبيرة في الإيرادات المذكورة في عام 2005 لتخفيض عجز الموازنة فقد بلغ العجز في حينه ( 132.5 ) مليون دينار بالإضافة الى اقتراض 457.748 مليون دينار .– انخفضت قيمة المنح في موازنة 2006 إلى 236 مليون دينار علما أن الحكومة حصلت على 567 مليون دينار عام (2005) .– الانخفاض الكبير في المنح أدى إلى  تفاقم عجز الموازنة  وسهل مهمة تمرير رفع أسعار المحروقات على المواطنين .