رفضت الحكومة طلب النواب بزيادة الاجور مقابل رفع اسعار المحروقات, مع وعد قاطع من الرئيس بالعودة الى الموضوع لايجاد صيغة مناسبة لحماية الفقراء من اثار رفع الاسعار, وان كانت الحلول التي طرحتها الحكومة غير مقنعة وغايتها فقط تمرير الموازنة, دون الاخذ بالاقتراحات الجوهرية التي قدمتها اللجنة المالية, لتغطية كلفة زيادة الرواتب بفرض ضريبة على ارباح الاسهم في السوق المالي, وهي ليست بدعة جديدة فهي كما علمنا مطبقة في دول عربية غنية وليست فقيرة الموارد, علما انها تصب باتجاه الاصلاح الضريبي الذي اصبح مطلبا اساسيا لتخفيض عجز الموازنة, وتصويب الاختلالات الهيكلية.عودتنا الحكومات المتعاقبة ان الاجراءات التي تستهدف الطبقات الوسطى والفقيرة تصدر قراراتها دون اي تردد حتى وان كان فيها مخالفة دستورية, فقد اصدرت الحكومة السابقة عشية رحيلها قانون ضريبة الدخل المؤقت, الذي حمّل ذوي الدخل المحدود اعباء ضريبة لا قدرة لهم على تحملها دون ان يرف لها جفن »وقد نجحت الحملة الوطنية للاطاحة بالقانون« وكذلك الامر رفضت الحكومة الحالية مقترحات النواب بزيادة الرواتب.التضخم الذي شهدته البلاد في اسعار الاراضي والعقارات والارتفاع الجنوني لاسعار المحروقات, وما تبع ذلك من ارتفاع على تكاليف المعيشة ادى الى تآكل الاجور لذوي الدخل المحدودو والعاملين في القطاعين العام والخاص, ولم تولي الحكومة الاهتمام والعناية المطلوبة لانصاف هذه الفئات.سوف تتخلى الحكومة طوعا عن نصيبها من ارباح شركة الاتصالات بعد استكمال البيع في هذا العام, ولم يقتصر الامر على شركة الاتصالات فهناك قائمة من الشركات يجري وضع الترتيبات اللازمة لبيع حصة الدولة فيها, كما تخلت في السنوات السابقة عن العديد من المؤسسات التي كانت تحقق ايرادات للخزينة, لا لسبب سوى لفلسفة جرى اسقاطها على بلادنا منذ سنوات عنوانها الخصخصة, قيل في الماضي ان الحكومة ترغب في التخلص من المؤسسات التي تلحق خسارة بالدولة وعلى الرغم ان هذه الحجة غير كافية لتمرير هذه السياسة فلم تقتصر هذه السياسة على المشاريع الخاسرة, فقد توسّعت الدولة في هذا المجال ووصلت للمشاريع الناجحة التي تحقق ارباحا وايرادات للخزينة, كيف يمكن ان نفسر هذه السياسية المتناقضة بحرمان الخزينة من ايرادات مؤسسات وطنية, وتحميل الموطنين اعباء ضريبية لتغطية هذا النقص وحرمان الموظفين من زيادة الرواتب, واعفاء الفئات الميسورة من الاسهام بجزء من نفقات الدولة بفضل السياسة الضريبية المتبعة?.عندما ترتفع اسعار المواد الاساسية من سلع ومواد اولية واصول يتم التكيف معها دون تحفظات, لسبب بسيط اننا مستوردون لهذه السلع ولا نملك سوى الاذعان, اما الاجور والرواتب كونها محلية نقرر من دون تردد عدم الاستجابة لهذه الزيادة, لأن اصحاب الرواتب المتواضعة غير قادرين للدفاع عن حقوقهم لغياب التنظيم, مع العلم ان الرواتب بالمفهوم الاقتصادي هي جزء من كلفة السلع المراد بيعها في السوق, فقد توصلت معظم بلدان العالم لبعض المفاهيم التي اصبحت عرفا اوقانونا او اتفاقيات جماعية وقعتها النقابات مع الدول او مع ممثلي اصحاب العمل بربط الاجور بالاسعار, مما يعني اي زيادة على الاسعار يتبعها زيادة الاجور بنفس النسبة, النقابات الاردنية والاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني معنية بتنظيم حملة للمطالبة بوضع سياسات عامة للاسعار والاجور, وتطوير التشريعات العمالية لاصدار نص صريح لربط الاجور بالاسعار, كذلك الدولة فانها معنية بالدرجة الاولى بصفتها اكبر صاحب عمل في البلد, وكونها راعية لمصالح مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية, لتجنيب البلاد ردود افعال بسبب الاحتقانات الناجمة عن سوء احوالهم المعيشية, وكذلك بهدف انصاف الفئات والشرائح الفقيرة في المجتمع التي تُبنى البلاد على اكتافهم وبعرقهم وبكدهم يعلو الوطن.