دبلوماسية الجامعة العربية ليست أفضل حالا من الواقع العربي المتردي والغارق بأزماته المتعددة ، وزيرا خارجية الأردن ومصر في تل ابيب لإجراء مباحثات مع زعماء إسرائيل لتسويق المبادرة العربية بتكليف غير رسمي من الجامعة العربية ، إسرائيل سبق وان رفضت المبادرة العربية من حيث المبدأ، لكنها مستعدة لاستقبال الوفود العربية ويفضل ان تكون من الدول التي لا تقيم علاقات معها بهدف التطبيع ليس إلا ، أولويات إسرائيل في هذه المرحلة هي التناغم مع بوش وطوني بلير موفد الرباعية في دعم السلطة الفلسطينية وتكريس الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، اولمرت يبدي استعدادا للانسحاب من بعض المناطق في الضفة الغربية وتخفيف الإجراءات والقيود على حركة المواطنين الفلسطينيين بين القرى والمدن الفلسطينية، اما بحث الوضع النهائي للاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات والجدار وقضية اللاجئين ليس مطروحا على جدول أعمال اولمرت، والمبادرة الأمريكية الجديدة تصب بنفس الاتجاه فهي تطرح اجتماعا دوليا برئاسة وزيرة الخارجية كوندليزا رايس لدعم السلطة الفلسطينية ضد المتشددين، ومطالبة الدول العربية بالحد من التحريض الإعلامي وإرسال وفود على مستوى وزاري لإسرائيل. إذا الموقف الإسرائيلي والأمريكي ومهمة موفد الرباعية، لا تتجاوز حدود تكريس الانقسام والتعامل مع الواقع الفلسطيني ضمن هذه الحدود.

شير التقارير الرسمية الى انخفاض رصيد الدين العام 105 ملايين دينار خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالي, وفقا لنشرة ايار الصادرة عن وزارة المالية قياسا لنهاية عام ,2006 وبذلك تسجل الوزارة انجازابتخفيض الدين العام. يعتبر ملف المديونية من اخطر ملفات الازمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد في نهاية الثمانينات, يمكن القول ان ابرز المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الاردني والمواطن على حد سواء يعود للتكاليف الباهظة للمديونية, فقد بلغت كلفة الدين العام على المجتمع الاردني خلال الثمانية عشر عاما الماضية 7658.7 مليون دينار اي اكثر من قيمة الدين نفسه, حيث يشير التقرير السنوي للبنك المركزي لعام 1993 ان المديونية الخارجية لعام 1989 بلغت 5409.4 مليون دينار والداخلية 995 مليون دينار, وبذلك تكون الخزينة انفقت اكثر من قيمة الدين العام بـ 1254 مليون دينار خدمات مديونية (فوائد + اقساط), اما النتائج فهي كارثية, بعد مرور ثمانية عشر عاما وانفاق اكثر من سبع مليارات ونصف المليار دينار فوائد واقساطا, فان حجم الدين اعلى مما كان عليه عام ,1989 حيث بلغ الدين في نهاية 2006 (7752.5) مليون دينار, وبعد كل هذا العناء تتحدث التقارير الرسمية عن انجاز تخفيض الدين العام, اي تخفيض بعد هذه المسيرة الطويلة والشاقة والمؤلمة التي كانت سببا رئيسيا لمعاناة الغالبية العظمى من ابناء الشعب الاردني, المليارات السبعة ونصف التي انفقت خدمات للمديونية جاءت على حساب افقار المواطنين, بعد اصدار سلسلة من القوانين التي ادت الى زيادة العبء الضريبي وانفلات الاسعار بعد تحريرها ورفع الرقابة عنها وارتفاع معدلات التضخم بشكل عام بمستويات عالية جدا, والغاء الدعم عن السلع الاساسية وتخفيض مساهمة الدولة في الخدمات العامة خاصة في الجوانب الصحية والتعليمية.

من ابرز المؤشرات الاقتصادية التي شهدتها البلاد خلال الشهور الخمسة الاولى من هذا العام, انخفاض نسبة النمو الى 5.9% خلال الربع الاول من العام الحالي مقابل 6.7% لنفس الفترة من عام ,2006 مع ملاحظة التراجع الكبير في دور القطاعات الانتاجية, انخفاض قطاع الصناعات التحويلية الى نسبة نمو 2.7% وتراجع الصناعات الاستخراجية 2% ونسبة نمو للقطاع الزراعي 03% وفقا للنشرة الشهرية الصادرة عن وزارة المالية, بالمقابل ارتفاع نسبة التضخم, وزيادة العبء الضريبي, وارتفاع نسبة البطالة, حيث تشير الارقام الصادرة عن دائرة الاحصاءات العامة الى ان معدل التضخم قد ارتفع الى 6.7% قياسا لنفس الفترة من العام الماضي, ويعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي الى ارتفاع اسعار المواد الغذائية بنسبة 11.7% وقد تركز الارتفاع في عدد من السلع ابرزها »الخضار والفواكه« »اللحوم والدواجن« الالبان ومنتجاتها بنسب 27% و 18% و 9% على الترتيب, كما ارتفعت اسعار الوقود والانارة بنسبة 9.4%, وبذلك تكون قد ارتفعت السلع الاساسية التي تستنزف دخل العامل والموظف وذوي الدخل المحدود بنسب تتراوح ما بين 9%-27%, مما يتضح ان نسبة التضخم المعلنة من قبل الاحصاءات العامة, لا تعكس الآثار الحقيقية لحجم هذه المشكلة على المواطنين.

التطورات الخطيرة التي شهدتها الأراضي الفلسطينية المحتلة ما زالت تحتل اهتماما خاصا لدى مختلف الفعاليات الشعبية والرسمية فلسطينيا وعربيا, أردنيا تعتبر هذه القضية قضية وطنية من الدرجة الأولى قبل ان تكون قضية قومية, لاعتبارات عديدة ومعروفة للجميع, لذلك تشهد اهتمامات واسعة في المجتمع الأردني على مختلف الأصعدة الرسمية والشعبية حول مستقبل القضية الفلسطينية, بعد الانقسام الخطير الذي احدثه استيلاء حماس على السلطة في قطاع غزة, وحل الخلافات بطريقة دموية, ما يدور في إطار لجنة التنسيق الحزبي لأحزاب المعارضة الأردنية من خلافات وحوارات تمخضت أخيرا عن الاتفاق على موقف موحد بعد تراجع جبهة العمل الإسلامي عن موقفها المتحيز تجاه هذه القضية, مما يفتح الطريق أمام مبادرة أردنية لإعادة اللحمة للفصائل الفلسطينية, ان استمرار الأزمة يمهد لتداعيات خطيرة, لذا لا بد من تحرك سريع لوقف حالة التدهور والبدء بإجراء حوار لإنهاء الأزمة على قاعدة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني, ولكي تكون كذلك فعلا وليس قولا يجب ان تمثل كافة فصائل وشرائح المجتمع الفلسطيني في الداخل والخارج بانتخابات ديمقراطية تعتمد التمثيل النسبي الكامل لكي تستطيع القيام بدور فاعل في حياة الشعب الفلسطيني, وتشكل المرجعية العليا لمختلف القضايا السياسية والوطنية.