يأتي مشروع قانون الموازنة لعام 2017  في ظل تراجع النمو الاقتصادي الى ادنى مستوياته حيث تشير المعلومات الرسمية ان النمو الاقتصادي بلغ 2.1% خلال النصف الأول من العام 2016، وتراجعت الصادرات، كما ارتفع عجز الحساب الجاري بنسبة 12.7% من الناتج المحلي الإجمالي، ليبلغ 1.635 مليار دينار خلال النصف الأول من العام الحالي 2016 ،مقارنة مع 9.5%من الناتج المحلي الإجمالي للنصف الأول من العام 2015،  وتراجع رصيد الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي في نهاية تشرين اول ليصل الى نحو 12.062 مليار دولار مقارنة مع 14.173 مليار دولار في نهاية عام 2015. كما بلغ الدين العام نحو 26 مليار دينار. وعلى الصعيد الاجتماعي أدت هذه السياسات الى اتساع مساحات الفقر، وارتفاع معدلات البطالة اتصل الى نحو 16% خلال الربع الثالث من العام الماضي 2016، وانتشار تجارة المخضرات والسلاح، والعنف الاجتماعي والاحتقانات العصبية والقبلية وحالات الانتحار، كما شكلت مناخا خصبا لنمو الأفكار المذهبية التكفيرية. 

عمّان – الغد – قليلة هي الدراسات التي اهتمت بدراسة التحولات الاقتصادية والاجتماعية في مرحلة بناء الدولة الأردنية وتشكلها بمنهج علمي واضح المعالم. وإذا ما نظرنا إلى واقعنا الاجتماعي والاقتصادي والصعوبات والمشاكل التي تواجهه، غالبا ما نغرق بتفاصيل المشكلة والبحث عن حلول، غالبا ما تكون مؤقتة، بمعنى أننا ندير مشاكلنا وأزماتنا فقط، والسبب يعود إلى أننا ننسى ظروف تشكل هذا الواقع تاريخياً، والبحث في الجذور.
لكي نفهم ما نحن فيه وعليه، يعود بنا الباحث فهمي الكتوت في كتابه الصادر حديثا عن دار الآن ناشرون وموزعون في عمّان، إلى بدايات تشكل الدولة الأردنية، وتشكل اقتصادها، وظروف، وخلفيات تشكله.
الكتاب الذي يقع في(400) صفحة من القطع الكبير يتكون من سبعة فصول، وعدد من الملاحق المهمة. استعرض الباحث في فصله الأول تاريخ نشوء الدولة الأردنية، والانتداب البريطاني الذي فرض على الدولة الناشئة معاهدة انتداب استعماري سنة 1928، وجميع المشاريع الاقتصادية والسياسية التي ظهرت في تلك المرحلة كانت تلبي مصالح الاستعمار بدرجة أساسية، مثل مشاريع: روتمبرغ للكهرباء، وامتياز البحر الميت، وامتياز بترول العراق، وغيرها.
ويعرض هذا الفصل أيضا للتطورات على المعاهدة الأردنية البريطانية، وللأحداث السياسية الكبرى في المنطقة التي أثرت على الوضع الاجتماعي والاقتصادي في الأردن وتشكله، بما في ذلك تشكل الأحزاب الوطنية السياسية، وحرب فلسطين، ونشوء دولة إسرائيل، ووحدة الضفتين، والمتغيرات التي أعقبت ذلك، وصولا إلى إلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية.
الفصل الثاني اهتم بعرض إحلال النفوذ الأميركي مكان النفوذ البريطاني في المنطقة، وظهور مشاريع اقتصادية وسياسية جديدة، مثل مشاريع ماكدونالد، وجونستون، وآيزنهاور، وقناة الغور الشرقية، وتحويل مياه نهر الأردن إلى صحراء النقب وغيرها.
الفصل الثالث تناول خصائص الاقتصاد الأردني، وخطط التنمية الاقتصادية، أما الفصل الرابع فاهتم بالحديث عن القطاع الزراعي، وتبعه الفصل الخامس بالحديث عن القطاع الصناعي، والسادس عن السياسات المالية، وفلسفتها.
أما الفصل السابع والأخير فقد خُصص لدراسة التركيب الاجتماعي في الأردن، ونشوء الطبقات الاجتماعية المختلفة، وأدوارها السياسية والاجتماعية.
يذكر أن فهمي الكتوت هو ناشط سياسي ونقابي وخبير ومحلل وباحث اقتصادي أردني، له أبحاث ودراسات ومحاضرات، وإسهامات في صحف أردنية وعربية عديدة. ومن مؤلفاته:” الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وبرنامج البديل الديمقراطي” ، و”أزمة الرأسمالية العالمية”، و”فهمي الكتوت في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول قضايا الإصلاح السياسي والاقتصادي في الأردن، والمصالحة الفلسطينية، ومحاولات احتواء الثورات العربية، والأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على الوطن العربي”، إضافة إلى مدونة خاصة على الانترنت باسمه تضم مقالاته ودراساته.