استنادا للمعطيات والمؤشرات الاقتصادية الرئيسية للاقتصاد الكلي لشهر تشرين اول ,2003 والتوقعات لافاق التطور الاقتصادي وخاصة ما يتعلق بمعدلات النمو والتضخم, والبنود الرئيسة للموازنة العامة, وميزان المدفوعات, قدمت الحكومة خطتها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنوات 2004-2006 وكان ابرزها تحقيق معدلات نمو حقيقي في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 6% وزيادة معدلات نمو متوسط الفرد ما نسبته 3.6%, وتحقيق الاستقرار المالي من خلال ضبط العجز في الموازنة العامة, والحفاظ على مستوى الاسعار بحيث لا يتجاوز معدل التضخم ما نسبته 1.8%, قد يكون من المبكر التعليق على الخطة قبل انتهائها الا ان ما تبقى من عمرها لم يحدث تغييرا دراماتيكيا فيها, سأتناول في هذا المقال بعض بنود الخطة املا متابعة الموضوع لاحقا.برز عنصر هام خلال سنوات الخطة لا بد من اخذه بعين الاعتبار الارتفاع العالمي لاسعار النفط, مع ملاحظة ان الخطة وضعت بعد احتلال القوات الامريكية للعراق, مما يعني ان الآثار المترتبة على الاقتصاد الوطني من جراء ذلك كانت ضمن حسابات واضعي الخطة, حاول واضعو الخطة طرح تصورات متفائلة جدا لمستقبل الوضع الاقتصادي لدرجة ان بعض جوانب الخطة لا تمت بصلة في التطورات اللاحقة للوضع الاقتصادي والاجتماعي, فالصورة الوردية التي ابرزتها الخطة لم نلمس اثارها في الظروف المعيشية للمواطنين, دون التقليل من النجاحات التي تحققت في زيادة الايرادات التي سنتناولها بالتفصيل, بالاضافة الى تحقيق معدلات نمو مرتفعة في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة تفوق التوقعات الواردة في الخطة, حيث بلغ النمو 7.5% خلال عام 2005 حسب المعلومات الرسمية, لكن الاكثر اهمية في هذا المجال معرفة اثار هذا النمو على الواقع الاجتماعي, لم نلاحظ تأثيره لا على مستوى معيشة المواطنين ولا على انخفاض البطالة او جيوب الفقر, لذا لا بد من المراجعة والتدقيق للوقوف على اسباب عجز هذا النمو من تحقيق اهدافه الاجتماعية, اما التضخم فقد تجاوز التقديرات بشكل لافت حيث بلغ 3.5% عام ,2005 و 4.4% في الشهور الثلاثة الاولى من عام 2006 قياسا لنفس الاشهر من العام الماضي.طرحت الخطة قضية مركزية تتعلق بتحقيق الاستقرار المالي من خلال ضبط العجز في الموازنة العامة بزيادة الايرادات المحلية, وضبط الانفاق بحيث لا يتجاوز العجز في الموازنة العامة 2.8% من الناتج المحلي بحلول عام 2006 علما ان العجز الكلي بلغ في الموازنة العامة لعام 2005 ما نسبته 4.8 من الناتج المحلي الاجمالي, وبالارقام بلغت النفقات المقدرة حسب خطة التنمية للاعوام ,2005 ,2004 2006 على التوالي ,2590 ,2491 2650 مليون دينار, اما الواقع فقد بلغت النفقات الفعلية لنفس الاعوام ,3102.096 ,3157.5 اما 2006 تقديرية 3450 مليون دينار, لا شك ان دعم فاتورة النفط اسهم في زيادة الانفاق العام, مع ذلك في حال استبعاد زيادة النفقات المتحققة نتيجة دعم فاتورة النفط كما هو وارد في موازنة السنوات ذاتها.تبلغ الزيادة في الانفاق عن خطة التنمية ,252 ,356 675 مليون دينار للاعوام ,2004 ,2005 2006 على التوالي فالتذرع بارتفاع اسعار النفط كسبب وحيد لزيادة الانفاق دون التدقيق في الاسباب الاخرى, وتحميل المواطنين الاعباء الاضافية لعجز الموازنة ليس عدلا, ينبغي البحث عن الاسباب الحقيقية لزيادة الانفاق.اما الايرادات فقد حققت زيادة ملحوظة خلال الاعوام المذكورة, فقد طرحت خطة التنمية ايرادات متوقعة لنفس الاعوام ,229 ,2225 2406 مليون دينار في حين بلغت الايرادات ,2950 ,3025 و 2006 تقديرية 3000 مليون دينار اي بزيادة قدرها ,653 ,800 و 2006 تقديرية 594 مليون دينار, وقد تحققت معظم الزيادة من الايرادات الضريبية وهي على التوالي لنفس السنوات ,242 508 و 2006 تقديرية 550 مليون دينار.خلاصة القول ان ابرز النجاحات التي تحققت بخطة التنمية وبامتياز وتتجاوز تقديرات الخطة بشكل ملموس تمت في تحقيق الايرادات الضريبية, وبذلك تكون اثار الخطة على الواقع الاقتصادي الاجتماعي للمواطنين سلبية, لعدم تمتع المواطنين بظروف معيشية افضل نتيجة زيادة الايرادات الضريبية, فقد امتصتها زيادة النفقات, مع ملاحظة ان الزيادة بالايرادات الضريبية تفوق الدعم الوارد لفاتورة النفط, علما ان ضريبة المبيعات تمثل الجزء الرئيسي من الايرادات الضريبية, الامر الذي يؤدي الى زيادة العبء الضريبي على الفئات الشعبية وذوي الدخل المحدود.وبمناسبة توجه الحكومة لوضع قانون جديد لضريبة الدخل لا بد من مراعاة ازالة كافة الاعباء الضريبية عن ذوي الدخل المحدود, حيث استنفدت قدرات وامكانيات الفئات الشعبية والوسطى بسبب الاعباء العالية التي تتحملها من جراء تطبيق قانون ضريبة المبيعات, مع ضرورة التوسع في مساهمة الفئات العليا والشركات المالية والبنوك والاتصالات التي تحقق ارباحا عالية.