الاتجاهات العامة لنمو قطاعات الإنتاج السلعي 2
شكل القطاع الزراعي اضعف حلقة من حلقات النمو الاقتصادي الاردني خلال العقود الاربعة الماضية, فقد كان نصيب الزراعة من الناتج المحلي الاجمالي (31.9) مليون دينار في عام 1964 ما نسبته 15.7% من الناتج المحلي الاجمالي. وفي عام 2005 بلغ نصيب الزراعة 157.6 مليون دينار ما نسبته حوالي 2.4% من الناتج المحلي الاجمالي. مما يبين مدى تراجع مكانة القطاع الزراعي في الاقتصاد الوطني, وزيادة الاعتماد على لاستيراد في توفير الحاجيات الاساسية من المواد الغذائية, وقد برز تراجع الانتاج الزراعي بشكل واضح في المحاصيل الحقلية والتي تشكل العمود الفقاري للامن الغذائي لاي دولة في العالم, فعلى سبيل المثال بلغ انتاج القمح (294.7) الف طن عام 1964 , تراجع عام 2005 الى 34.4 الف طن وكذلك الشعير الذي تراجع انتاجه من 97.2 الف طن عام 1964 الى 31.8 الف طن عام 2005 ، اما العدس الذي بلغ انتاجه 25.1 الف طن عام 1964 تراجع الى 800 طن عام 2005. لقد استمر انخفاض المساحات المزروعة على مدارالسنوات الماضية في حين كانت المساحة المستغلة زراعيا 5.3 مليون دونم عام 1973 تراجعت الى 2.473 مليون دونم عام 2005 اما الاراضي المروية فهي بحدود 800 الف دونم, ويتضح من ذلك محدودية الاراضي الصالحة للزراعة ومعظم الاراضي الزراعية تعتمد على مياه الامطار مما يعني تذبذب الانتاج الزراعي الامر الذي ادى الى عزوف العديد من الفلاحين والمزارعين عن الزراعة, كونها غير مضمونة النتائج في ظل المنافسة الحادة في السوق, نتيجة اغراق البلاد بالمنتوجات الزراعية المستوردة مما يدفع العديد من المزارعين الى هجر الارض والانتقال الى المدينة, وقد اصبح القسم الاعظم من الانتاج الزراعي يعتمد على العمالة الاجنبية اما تلبية احتياجات المجتمع المحلي من المواد الغذائية فيتم توفير معظمها عن طريق استيرادها من الخارج, فقد تم عام 2005 استيراد حنطة ودقيق بحوالي 90 مليون دينار, وشعير بحوالي 71 مليون دينار, والمثير للدهشة استيراد خضار وفواكه بحوالي 102 مليون دينار وذلك حسب التقرير السنوي لدائرة الاحصاءات العامة لعام 2005 وهذا مؤشر خطير يعكس الميل العام نحو تعميق النمط الاستهلاكي في المجتمع الاردني, اما المواد الغذائية عامة والحيوانات الحية منها فقد بلغ مجموع استيرادها بحوالي 881 مليون دينار, في حين بلغت صادراتنا من نفس المواد بحوالي 275 مليون دينار, والمؤسف ان صادراتنا من المواد الغذائية لا تتجاوز 34% من استيرادنا لنفس المواد, لبلد يفترض ان نمط اقتصاده الاساسي ناشئ باعتباره بلدا زراعيا, ولهذه السياسات تبعات لا حصر لها, فهي بالاضافة الى التشوهات الهيكلية التي تحدثها في الاقتصاد الوطني, باضعاف دور قطاع الانتاج السلعي, والاعتماد على الخارج في توفير احتياجات السكان من اساسيات الحياة فهي تسهم بشكل كبير في تفاقم العجز التجاري في ميزان المدفوعات, التي وصل حدا لا يمكن تجاهله فقد بلغ 3556 مليون دينار (39% من الناتج المحلي الاجمالي) في عام 2005 مما يثير مخاوف جدية واخطار حقيقية تواجه الاقتصاد الوطني.قد تكون قلة الامطار ومحدودية مخزوننا المائي من اسباب ضعف الانتاج الزراعي الا ان هذه الاسباب ليست الوحيدة المسؤولة عن هذه الحالة, فلا بد من تدخل الدولة واجراء دراسات لسياسات اقتصادية زراعية مثمرة, هناك شكوى تتردد في كثير من الاحيان من عدم جدوى انتاج الموز من الناحية الاقتصادية بسبب استهلاكه لكميات كبيرة من المياه في حين ان زراعة النخيل تشكل احد البدائل الممكنة لانتاج زراعي اقتصادي, ان مراكز الاختصاص سواء في وزارة الزراعة او في الجامعات الاردنية, او اية جهات اخرى معنية في هذا الشأن, مدعوة للوقوف امام ظاهرة ارتفاع فاتورة استيراد المواد الغذائية, لوقف نزيف العملات الاجنبية, نتيجة الاختلالات وزيادة الاعتماد على الذات في توفير الغذاء كما ان اطلاق العنان لتشجيع النمط الاستهلاكي وفتح الباب على مصراعيه لتدفق المنتوجات الزراعية من القارات الخمس من دون اي ضوابط لحماية الانتاج الوطني سبب رئيسي, مما يكشف عن مدى الاضرار التي لحقت بالاقتصاد الوطني جراء تحرير التجارة من دون اي اعتبار للمصالح الوطنية العليا, فالدول الكبرى صاحبة القول والفصل في سياسات التجارة الحرة تلجأ احيانا الى تجاوز الاتفاقيات الدولية دفاعا عن مصالحها علما ان منظمة التجارة العالمية تركت هامشا للدول النامية وخاصة في مجال القطاع الزراعي لمواجهة الاغراق ولحماية الاقتصاد الوطني, لا بد من التدخل في بعض الحالات للحد من الافراط في النمط الاستهلاكي وحماية الاقتصاد الوطني.