dflp@aloola.sy الحوار المتمدن – العدد: 2439 – 2008 / 10 / 19   1ـ مأساة الثورات الكبرى :   تتميَّز “الثورات الكبرى” بواقع أنها تندفع بعيداً إلى الأمام نحو المستقبل، خلافاً “للثورات العادية”، التي تكتفي بالاستجابة لمتطلبات التحولات المطروحة على جدول أعمال اللحظة.  

في المرحلة الحديثة هناك ثلاث ثورات كبرى فقط (الفرنسية، والروسية، والصينية). الثورة الفرنسية لم تكن مجرد “ثورة برجوازية”، أحلَّت النظام الرأسمالي محل النظام القديم، وسلطة البرجوازية محل سلطة الأرستقراطية. فهي أيضاً ثورة شعبية (وفلاحية تحديداً) طرحت مطالبها التساؤل حول النظام البرجوازي نفسه. فالجمهورية الديمقراطية المدنية الجذرية، التي تستوحي مثالها من فكرة تعميم الملكية الصغيرة على الجميع، ليست نتاج منطق تراكم الراسمال المباشر (القائم على اللامساواة)، بل إنكار له (في إعلانها الواعي بأن الليبرالية الاقتصادية عدو للديمقراطية). بهذا المعنى، كانت الثورة الفرنسية تحتوي، مذ ذاك، بذور الثورات الاشتراكية القادمة، التي لم تتوافر شروطها “الموضوعية”، طبعاً، في فرنسا آنذاك (تشهد على ذلك الحركة البابوفية). الثورتان، الروسية والصينية (ويمكن أن نضيف لهما ثورتي فيتنام وكوبا)، وضعت لنفسها الشيوعية هدفاً. وهذا متقدم جداً، بدوره، على الموجبات الموضوعية لحل المشكلات المباشرة في المجتمعات المعنيَّة.

   

 
 

 مقدمة إلى ندوة معهد دراسات التنمية المعقودة في فندق جراند بلاس 15-10-2008
 
إذا كانت السياسة هي تكثيف للاقتصاد ، فإن الاضطراب العام الذي يعرفه النظام الرأسمالي تعبيرا عما يجري في أسواق المال العالمية سيوفر بالضرورة مناخاً جديداً لمتغيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية هامة على الصعيد العالمي، فمنذ تفجر الأزمة المالية في سبتمبر 2008 والعالم بأسره يراقب التداعيات الخطيرة للانهيار المالي الكبير في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي أصاب العديد من المؤسسات المالية في الولايات المتحدة وانتقلت آثاره – بدرجات متفاوتة – إلى بلدان الاتحاد الأوروبي واليابان والصين، إلى جانب تراجع البورصات والأسهم في العديد من البلدان العربية والعالمية، وهي آثار جاءت انعكاساً للمقدمات أو البدايات الأولى لأزمة سبتمبر 2008 كما يشير –منير حمارنة- عندما تم الإعلان عن إفلاس اثنى عشر بنكاً أمريكيا خلال فترة قصيرة، ثم تلا ذلك الإعلان عن إفلاس رابع اكبر بنك في الولايات المتحدة “ليمان بروذرز”، ووقفت مؤسسة التأمين الأمريكية “أيه. أي. ج” على حافة الإفلاس ، حيث تم انتشالها نتيجة تدخل حكومي سريع. وجرى بعد ذلك ادماج بنك “ميريل لينش” مع بنك “أوف أميركا” ، هذا بعدما أممت الحكومة الأمريكية أهم شركتين للرهن العقاري وهما ” فاني ماي وفريدي ماك”. بهذا التدخل تتخلى الولايات المتحدة الأمريكية عن أيديولوجية الليبرالية الجديدة وطبقاتها المنفلتة التي بذلت جهوداً متعددة، وصلت حد التهديد والعدوان العسكري والاحتلال فيما يسمى ب”عولمة السلاح” لكي تفرض بالإكراه سياسات الليبرالية الجديدة بالنسبة لاقتصاد السوق وإزاحة دور الدولة في الاقتصاد إلى الحدود الدنيا، والاستسلام إلى آليات السوق باعتبارها قادرة على تعزيز أحادية العولمة الأمريكية وسيطرتها على مقدرات  العالم، كما توهم أصحاب هذه المدرسة من “ميلتون فريدمان” إلى ما يسمى بـ المحافظين الجدد في الولايات المتحدة وبريطانيا . وفي هذا الجانب، فإن العديد من الاقتصاديين والباحثين أكدوا أن الأزمة الحالية هي الأسوأ منذ أزمة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، وإن أسبابها تكمن في طبيعة النظام الرأسمالي، وهي أزمة عميقة للرأسمالية كنظام، تعني فشل ونهاية عصر “الرأسمالية المالية” بكل أرباحها الخيالية المصطنعة التي تتحقق في الأساس من المضاربات. فالرأسمالية المالية –كما يقول منير حمارنة- كانت تدير أموال وأنشطة العالم الاقتصادية بموجب عقلية المقامرين في كازينوهات القمار، وإن أسواق المال تحكمها نفس قواعد المقامرة التي تديرها المافيات . وهو ما ينطبق تماماً على قواعد اقتصاد السوق والاقتصاد الحر. علاوة على ذلك، فإن طبيعة التناقضات الملازمة لنمط الإنتاج الرأسمالي –كما يقول إرنست ماندل- تنفجر دوريا في أزمات فيض الإنتاج ، ذلك ان الميل إلى أزمات فيض الإنتاج الدورية ، والى سير الإنتاج بدورات يجتاز عبرها بالتتالي مراحل الإنعاش والرواج و”السخونة” والأزمة والكساد ، هذا الميل ملازم لنمط الإنتاج الرأسمالي ، وله وحده ، بحيث يمكن أن يختلف اتساع هذه التموجات بين حقبة وأخرى، غير أنها واقع حتمي في النظام الرأسمالي. إن الذي يميز أزمة فيض الإنتاج الرأسمالية هو أن المداخيل تنخفض والبطالة تنتشر ، ليس لأن الإنتاج المادي قد انخفض بل عكس ذلك، لأنه ازداد بصورة تخطت بكثير القوة الشرائية المتوفرة. فينخفض النشاط الاقتصادي لأن المنتجات لم يعد بيعها ممكنا وليس لأنها نقصت ماديا . إن أزمة فيض الإنتاج هي في آن واحد نتاج هذه العوامل والوسيلة التي يحوز عليها النظام الرأسمالي ليبطل مفعولها جزئيا، فالأزمة –كما يضيف ارنست ماندل- تؤدي إلى انخفاض قيمة البضائع وإفلاس منشآت عديدة، تتقلص بالتالي قيمة الرأسمال الإجمالي. هذا الأمر يسمح بإعادة صعود لمعدل الربح ونشاط التراكم، إذا لم تتمكن القوى الطبقية النقيض أو البديل اليساري الديمقراطي من تجاوز وتغيير النظام الرأسمالي نفسه. على أي حال، فإنه بالرغم من ضخامة وحجم الخسارة المالية الناجمة عن هذه الأزمة، فإنها لم تراكم حتى اللحظة عوامل الانهيار الكلي أو الشامل للنظام الرأسمالي العالمي –خاصة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذان يستحوذان على أكثر من ثلثي الناتج الإجمالي العالمي- لكنها بالتأكيد ستدفع نحو زيادة العوامل والتراكمات باتجاه المزيد من التفكك والتأزم في الاقتصاد الرأسمالي عموماً وفي منظومة العولمة الرأسمالية وأدواتها، (الصندوق والبنك الدوليين) وإيديولوجيتها الليبرالية الجديدة على وجه الخصوص، حيث سنشهد بالضرورة، وقبل نهاية العقد الحالي، تراجعاً حاداً في البعد الأحادي الأمريكي في السيطرة العالمية، سيؤدي إلى إزاحته ومن ثم إحلال شكل جديد من التعددية القطبية –في إطار النظام الرأسمالي في طور ما بعد العولمة-سيكون احد أهم رموزها – الاتحاد الأوروبي، واليابان، والصين وروسيا، وما سينتج عن ذلك من متغيرات اقتصادية عبر الدور الإكراهي للدولة الرأسمالية في التدخل الاقتصادي والعودة بشكل أو بأخر إلى معطيات المدرسة الكينزية بعد الفشل الذريع الذي أصاب مدرسة الليبرالية الجديدة وأدواتها وممارساتها من جهة كما سنشهد تغيرات سياسية على الصعيد الدولي، والإقليمي ستنعكس إيجاباً على دول أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا من حيث تفكيك أواصر التبعية السياسية والمالية والاقتصادية من جهة ثانية، علاوة على ما ستعكسه هذه التحولات الناجمة عن الأزمة الراهنة على هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها والعلاقات الدولية عموماً، باتجاه كسر هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية عليها، وفي كل الأحوال نحن العرب –وكل شعوب العالم- مقبلون على حقبة جديدة في حياة النظام الرأسمالي قد تدفع نحو نهايتها المحتومة أو قد تؤجل تلك النهاية وفق حركة وقدرات قوى البديل اليسار الديمقراطي في البلدان الرأسمالية أو في بلدان الأطراف، خاصة وان هذه القوى – في بلادنا كما في كل بلدان العالم- تدرك إن الأزمة الاقتصادية تفاقم التناقضات الاجتماعية ويمكنها أن تنفذ إلى أزمة اجتماعية وسياسية متفجرة. إنها تشير إلى أن النظام الرأسمالي أصبح ناضجا لاستبداله بنظام أكثر فعالية وأكثر إنسانية، لا يبذّر الموارد البشرية والمادية. لكنها لا تؤدي تلقائيا إلى انهيار هذا النظام، بل ينبغي أن يطيحه عمل واع من قبل الطبقات الفقبرة صاحبة المصلحة في التغيير عبر حركاتها واحزابها السياسية. وفي هذا السياق أشير إلى أن المشكلة/الأزمة بدأت منذ زمن في الاقتصاد الأمريكي في سوق السلع والإنتاج وتزايد الخلل في الميزان التجاري الأمريكي وصولاً إلى أزمة العقارات التي انتقلت إلى السوق المالي والبنوك .. يمكن ملاحظتها في سياق تسلسلها الزمني[1] عبر تراكمات قديمة تواصلت حتى اللحظة لم يتناولها بالتحليل سوى القليل، فالافلاسات في الشركات الأمريكية قديمة، علاوة على استمرار ضعف النمو الاقتصادي، فبالرغم من انتصارها في الحرب الباردة، “تبدو الولايات المتحدة اليوم وكأنها تخسر حاليا سيطرتها الأحادية في نظام العولمة كما تخسر حرب البطالة والمخدرات والإنتاجية والتعليم، علاوة على تزايد أزمة الاقتصاد الأمريكي منذ عام 2000 وصولاً إلى سبتمبر2008 عبر جملة من المؤشرات : 1-حسب ميدل ايست اون لاين http://www.middle-east-online.com فقد أكد تقرير بنك الاحتياط الفدرالي عام 2001 على استمرار ضعف النمو في قطاعي الصناعة والتجارة مع اتجاه لمزيد من الخفض في أسعار الفائدة ، كما “شكل إفلاس كل من شركتي world com للاتصالات في يوليو 2000 التي بلغت ديونها 41 مليار دولار، وشركة انرون Enron وهي أكبر شركة في قطاع الطاقة التي تجاوزت إيراداتها 100 مليار دولار في ديسمبر 2001، أكبر حالتي إفلاس في تاريخ الولايات المتحدة، مما كشف طبيعة الأزمة الموجودة في مفهوم السلطة السياسية corporate governance، كما طال مسلسل الفضائح شركة “زيروكس zerox” العالمية التي تعد أكبر شركة لتقنيات التصوير في العالم، كما تعرضت مؤسسة “جي-بي مورجان تشيس” ثاني أكبر شركة مصرفية قابضة في الولايات المتحدة، وشركة “ميريل لينش” المالية، ومؤسسة “كلوبال كروسينج” و”أديلفيا للاتصالات” و”تشارتر للاتصالات” ثاني أكبر شركة كابل” [2]، أما “بالنسبة لأثر هذه الأزمة على الاقتصاد الأمريكي، فإن أغلب التقديرات تشير إلى أن الخسائر قد طالت عددا كبيرا من المستثمرين الأمريكيين قدر حجم خسارتهم نحو 8.6 تريليون دولار”[3] . 2- من واقع قراءة الأرقام والبيانات الاقتصادية الهامة التي يوردها د.عبد الخالق عبد الله في دراسته المشار إليها ، فإن الولايات المتحدة تستهلك أكثر مما تنتج ، وتستورد أكثر مما تصدر ، وخلال السنوات الماضية سجلت الولايات المتحدة –كما اشرنا من قبل- أعلى حالات الإفلاس في كل تاريخها المعاصر ، (أكثر من (700) ألف حالة إفلاس) ، كذلك أخذت الولايات المتحدة تعاني من أكبر عجز مالي في العالم تجاوز 400 مليار دولار ، أما إجمالي ديونها فإنه قد تجاوز كل الأرقام القياسية بعد أن أصبح يزيد عن ثلاثة آلاف مليار دولار ، أي أكثر من 1.5 ضعف إجمالي الديون المترتبة على كل الدول الأخرى في العالم ، الى جانب أكثر من (10) مليون شخص عاطل عن العمل (8% من القوة العاملة) ، كما تراجعت الولايات المتحدة الى الدولة رقم (13) من حيث الإنفاق على الصحة ، والدولة رقم (17) من حيث الإنفاق على التعليم ، ورقم (29) من حيث عدد العلماء والفنيين بالنسبة الى إجمالي السكان، حيث أن لديها (55) عالما وفنيا فقط لكل ألف نسمة مقابل (317) عالما وفنيا لكل ألف نسمة في اليابان ، وبالنسبة لاستهلاك المخدرات والكحول فإن الولايات المتحدة هي الأولى في العالم في هذا المجال ، حيث أنها تستهلك 80% من إجمالي المخدرات في العالم ، وهي من أعلى الدول في العالم بالنسبة لحالات التفكك الأسري والعنف والاغتصاب والقتل،  حيث أصبح 50% من الشعب الأمريكي يتعرض لشكل من أشكال الإجرام ، ونسبة 21% من كل النساء يتعرضن للاغتصاب . 3- لقد بات من الواضح أن الاقتصاد الأميركي في السنوات الأخيرة يعاني عدة صعوبات من بينها الركود، فقد وصل عجز الموازنة الأميركية في العقد الأخير من القرن الماضي إلى ما يناهز 350 ملياراً وبلغ حجم الديون الخارجية 3.5 تريليون دولار، وزادت ديون الأفراد بنسبة 12 في المائة ، في حين لم يرتفع دخل الفرد إلا بنسبة 7 في المائة ، كما ارتفعت معدلات البطالة إلى 8 بالمائة . وخلال فترة التسعينيات هبطت معدلات البيع في أسواق السيارات والعقارات هبوطاً حاداً, وأصبحت سرعة الإنتاجية تقل ثلاث مرات عن مثيلاتها في اليابان ومرتين عنها في أوروبا الغربية، هذا بالإضافة إلى التردي الذي تعرفه الخدمات الصحية والتعليمية، وتزايدت نسبة الإقصاء والتهميش في أوساط الفئات الفقيرة, وتراجعت نسبة العلميين والفنيين حسب تقرير التنمية البشرية في العالم، فهناك 55 فنياً وباحثاً لكل ألف من السكان الأميركيين مقابل 129 في كل من السويد وهولندا، و257 في كندا و317 في اليابان، وتشهد المدارس والجامعات الأميركية حالات من التدهور ، يبرزها تراجع طلابها أمام الطلاب الأجانب وخاصة في مجال الرياضيات والكيمياء وعلوم الحاسب الآلي. وحسب “ايمانويل تود” صاحب كتاب: (ما بعد الإمبراطورية، دراسة في تفكك النظام الأمريكي) الذي يتنبأ بانهيار الولايات المتحدة الأميركية، وهو كان سبق وتنبأ بتفكك الاتحاد السوفيتي قبل عشر سنوات من انهياره، فإن أميركا بحاجة إلى 1.5 مليار دولار يومياً لتغطية العجز في ميزانها التجاري الذي قارب عام 2000 الـ 450 مليار دولار. وهو يعتبر أن أميركا عشية القرن الحادي والعشرين أصبحت غير قادرة على أن تعيش على إنتاجها وحده إذا شاءت الاحتفاظ بنفس مستوى المعيشة، ويتنبأ المؤلف الذي أثار كتابه ضجة, بأنه مع ازدياد قوة “أوراسيا” ستنخفض وتتوقف التدفقات المادية والمالية التي تغذي أميركا اليوم، مما سيجعل منها دولة مثل غيرها من الأمم. 4- الولايات المتحدة تعاني من عجز كبير في الموازنة يُقدَّر أن يصل إلى أكثر من سبعمائة مليار دولار[4]، وحسب ما يقول رجل الاقتصاد الأمريكي “وارن بافيت” (وهو ثاني أغنى رجل في أمريكا) فإن العجز المتوقع في الموازنة الأمريكية أو مجموع الديون الأمريكية سيصل عام 2015 إلى (11) تريليون دولار، وهذا يعني أن خزينة الولايات المتحدة ستتكبد فقط فوائد سنوية على هذه القروض تشكل حوالي خمسمائة وتسعين مليار دولار، ستكون عبء الفائدة التي ستتكبدها الخزينة الأمريكية، وقد حذر مدير مكتب الكونغرس في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية في 6مارس 2004 إن العجز التجاري الأمريكي المتراكم قد يلامس 2600مليار دولار من الآن وحتى العام[5]2015 . وفي هذا السياق يقول المفكر البريطاني “إريك هوبسبوم “والإمبراطورية الأميركية قد تسقط لأسباب داخلية، والأكثر إلحاحاً منها هو كون الامبريالية بمعنى السيطرة على العالم وإدارته، لا تثير اهتمام معظم الأميركيين الملتفتين بالأحرى إلى ما يحدث داخل الولايات المتحدة، فالاقتصاد هو على درجة من الوهن ما سيحمل الحكومة والناخبين الأميركيين يوماً على اتخاذ قرار بأن من الأهم الانكباب على هذا الأمر بدلاً من خوض المغامرات في الخارج”. أضف إلى ذلك أنه وكما يحدث حالياً أي تغطية افلاسات الشركات المالية الكبرى، سوف يكون على الأميركيين أنفسهم أن يمولوا جزءاً كبيراً من التدخلات الخارجية، وهذا ما لم يحدث لا في حرب الخليج ولا إلى حد كبير إبان الحرب الباردة” .  5-ومع أول انفجار للأزمة في سبتمبر 2008 عبر أزمة الرهونات العقارية[6] ، حيث أعلنت شركتي “فاني فاي وفريدي ماك” إفلاسهما ، وكان ذلك الإعلان أساس العاصفة المالية ، حيث أن هاتان المؤسستان اللتان ترمزان إلى ضخامة الفقاعة المالية، كانتا تغطيان بمفردهما مخاطر 45 في المائة من القروض العقارية الأميركية. ولإنقاذهما من الغرق، قبِلت الخزينة الأميركية في بداية أيلول/سبتمبر أن تضخّ فيهما مبلغ 200 مليار دولار. وهذا يعتبر تأميماً عملاقاً يُشير إلى تبدلٍ في الحقبة التاريخيّة ، كما يقول إبراهيم ورده (ملحق لوموند ديبلوماتيك-أكتوبر 2008) ، وفي يوم 15/9 اكتشف المودعون وضعا ماليا نجم عن إفلاس مصرف Lehman Brothers ، وهو المصرف الاستثماري الخامس في العالم ، وأنّ مصرف Bank of America ، قد إمتصّ مصرف MerrillLynch، عملاق السمسرة، بمساعدة السلطات الأميركيّة الحكوميّة؛ في حين يتمّ التحضير لإنقاذ مجموعة التأمينAmerican International group (AIG) التي تحتّل المرتبة الأولى عالمياً في مجال التأمين ، ثم –كما يضيف إبراهيم ورده (لوموند ديبلوماتيك 10/2008)- أعلن السيّد هنري بولسن ، وزير الخزانة الأميركية، عن وضع ماردي القرض الرهنيّ ، جمعيّة National Mortgage Association (Fannie Mae) وشركة Federal Home LoanMortgage Corporation (Freddie Mac)، تحت الوصاية الحكومية . وفيما يتعلق بنظام العولمة الأمريكي ، فإن البحث المدقق والمتعمق في صميم هيكل المجتمع الأمريكي وعلاقاته بالمنظومة العالمية يوضح أن طاقاته أقل من طموحاته. فالولايات المتحدة – كما أشرنا من قبل- تعانى من عجز مزمن في ميزانها التجاري إلى جانب ديونها المتراكمة[7] ، أي أنها لا توفر لباقي العالم الأموال اللازمة لدفع التوسع الرأسمالي قدماً ، وبما يضمن شروط إعادة إنتاج هيمنتها . وهو وضع يختلف عن وضع بريطانيا في القرن التاسع عشر-كما يقول سمير أمين بحق- ، حيث كانت الأخيرة تصدر أموالاً للعالم كله في ظل وجود فائض هيكلي للميزان التجاري البريطاني، ومن ثم توفرت لها الشروط الملائمة لإعادة إنتاج موقعها المهيمن . أما الولايات المتحدة –كما يستطرد سمير أمين- فهي أكبر مستورد للأموال، ومن ثم أصبحت مجتمعاً طفيلياً يمتص النصيب الأعظم من الفائض المنتج خارجه. ولا شك أن استمرار هذا الوضع الهش ، رهين برضوخ بقية بلدان العالم لتفاقم إفقارهم بلا نهاية. ونظراً لإدراك الولايات المتحدة التام لذلك ، فإنها تسعى بدأب إلى تعويض ضعفها الاقتصادي باستغلال تفوقها العسكري والنووي، الأمر الذي يجسد – في رأينا- ما يمكن تسميته بالهيمنة المأزومة والهروب إلى الإمام من ناحية ويؤكد بصورة قطعية خطأ طروحات واستنتاجات فرنسيس فوكوياما فيما يتعلق بزعمه حول نهاية التاريخ واقتصاد السوق والليبرالية الجديدة كإطار جامع ومستقبلي للبشرية، ولكن رغم ذلك لا بد من الإقرار بأنه بالرغم من تفاقم الأزمة المالية الراهنة، إلا أنها لم تمتد حتى اللحظة إلى توأمها الآخر، واقصد بذلك الاقتصاد العيني أو الإنتاجي والسلعي بكل جوانبه من ناحية كما ان ظروف العالم الرأسمالي عموماً وبلدان الأطراف خصوصاً لا تؤشر حتى اللحظة على توفر مشروع البديل الديمقراطي –اليساري كإمكانية واقعية من ناحية ثانية . ومن ناحية أخرى ، فإن بعض ردود الفعل على الأزمة ، اتخذت طابعاً فكرياً ، فكثيرون هم الذين يرون أن الأزمة ذات طابعً أيديولوجي- سياسي بامتياز، لأن الليبرالية الجديدة التي شنت حملات متعددة الأوجه منذ سبعينات القرن الماضي لفرض اقتصاد السوق وتحرير الأسواق والأسعار، وإنهاء دور الدولة في الحياة الاقتصادية وتسليم الاقتصاد إلى القطاع الخاص، فشلت تماماً ، وأخذ العديد من الدول يعود الآن إلى التأميم لإنقاذ اقتصاده، ومن هذه الزاوية يمكننا أن نرى العديد من ردود الفعل والانتقادات والتي تمثل موقف قوى اجتماعية وسياسية واسعة في جميع البلدان ولأول مرة تظهر الليبرالية الجديدة محاصرة ومدحورة بهذا الشكل . ولكن رغم كل مؤشرات التراجع والتأزم في بنية الاقتصاد الأمريكي، إلا أن العالم يقف مشدوهاً –كما يقول د.حازم ببلاوي- أمام ما يطلق عليه «الأزمة المالية» العالمية، فأكبر اقتصاد في العالم(الولايات المتحدة الأمريكية) مهدد بالانزلاق إلي هاوية الكساد والإفلاس، ومِن مَن ..؟ من أكبر وأعرق المؤسسات المالية الدولية في أمريكا وأوروبا، فكيف حدث ذلك؟ ولماذا هي «أزمة مالية» أكثر منها «أزمة اقتصادية»؟ فهي أزمة مالية أو هي أزمة في القطاع المالي يمكن أن تهدد بإغراق الاقتصاد الامريكي والاوروبي بأكمله إذا تفاقمت وادت إلى الانهيار المالي الشامل. ومن هنا أهمية وضوح تحليلنا لهذه الأزمة الذي يتطلب أولاً فهم واستيعاب «البدهيات» والمبادئ الأولية لعلم الاقتصاد، التي تفرق بصورة أساسية بين ما يمكن أن نطلق عليه «الاقتصاد العيني أو الحقيقي» وبين «الاقتصاد المالي»، كما يرى بحق حازم ببلاوي شارحا الفرق بينهما بقوله :  ”فأما الاقتصاد العيني «وهو ما يتعلق بالأصول العينية Real Assets فهو يتناول كل الموارد الحقيقية التي تشبع الحاجات بطريق مباشر (السلع الاستهلاكية) أو بطريق غير مباشر (السلع الاستثمارية) . «فالأصول العينية» هي الأراضي وهي المصانع، وهي الطرق، ومحطات الكهرباء، وهي أيضاً القوي البشرية. وبعبارة أخرى هي مجموع السلع الاستهلاكية التي تشبع حاجات الإنسان مباشرة من مأكل وملبس وترفيه ومواصلات وتعليم وخدمات صحية ، وهكذا فالاقتصاد العيني أو الأصول العينية هو الثروة الحقيقية التي يتوقف عليها بقاء البشرية وتقدمها . وإذا كان الاقتصاد العيني هو الأساس في حياة البشر وسبيل تقدمهم، فقد اكتشفت البشرية منذ وقت مبكر أن هذا الاقتصاد العيني وحده لا يكفي بل لابد أن يزود بأدوات مالية تسهل عمليات التبادل من ناحية، والعمل المشترك من أجل المستقبل من ناحية أخري. وهكذا –كما يضيف د.ببلاوي- بدأ ظهور مفهوم جديد اسمه «الأصول المالية» Financial assets، باعتبارها حقاً علي الثروة العينية. وأصبح التعامل يتم علي «الأصول المالية» باعتبارها ممثلاً للأصول العينية. فالبائع ينقل إلي المشتري حق الملكية، ومن ثم ظهرت فكرة «النقود» التي هي أصل مالي، بمعني أنها بمثابة «حق» ليس علي أصل بعينه (أرض معينة أو سلعة معينة) وإنما هي حق علي الاقتصاد العيني كله. فمن يملك نقوداً يستطع أن يبادلها بأي سلعة معروضة في الاقتصاد من السلع والخدمات المعروضة ، أي أن «النقود» هي أصل مالي ممثل عن الاقتصاد العيني. ولم يتوقف تطور «الأصول المالية» علي ظهور حق الملكية أو ظهور النقود كحقوق مالية علي الاقتصاد بل اكتشفت البشرية أيضاً أن الكفاءة الاقتصادية تزداد كلما اتسع حجم المبادلات، فالقابلية للتداول Negotiability ترفع القيمة الاقتصادية للموارد. ومن هنا ظهرت أهمية أن تكون هذه الأصول قابلة للتداول ، وهكذا –كما يستطرد د.ببلاوي- جاء ظهور الأوراق المالية من أسهم وأوراق تجارية وسندات مما زاد من حجم الأصول المالية المتداولة والتي تمثل الثروة العينية للاقتصاد. وساعد وجود هذه الأصول المالية المتنوعة علي انتشار وتوسع الشركات وتداول ملكيتها وقدرتها علي الاستدامة ، ثم يضيف بقوله : “ولكن الأمر لم يقتصر علي ظهور هذه الأصول المالية الجديدة (أسهم وسندات) بل ساعد علي انتشار تداولها ظهور مؤسسات مالية قوية تصدر هذه الأصول باسمها، وحيث تتمتع بثقة الجمهور مما أدي إلى زيادة تداول هذه الأسهم والسندات بين الجمهور” ، فمن ناحية ظهرت البورصات التي تتداول فيها هذه الأصول المالية، ومن ناحية أخرى فإن المؤسسات المالية الوسيطة (البنوك بوجه خاص) حين تمول الأفراد فإنها تحل، في الواقع، مديونية هذه البنوك التي تتمتع بثقة كبيرة لدى الجمهور محل مديونية عملائها، ومديونية هذا العميل للبنك تستند إلي ملاءة هذا العميل والثقة فيه . وهكذا لعب القطاع المصرفي – والقطاع المالي بصفة عامة – دوراً هائلاً في زيادة حجم الأصول المالية المتداولة وزيادة الثقة فيها. ومن هنا –كما يستنتج د.ببلاوي- بدأت بوادر أو بذور الأزمات المالية وهي بدء انقطاع الصلة بين الاقتصاد المالي والاقتصاد العيني. وأصبحت للأسواق المالية حياتها الخاصة بعيداً عما يحدث في الاقتصاد العيني.. ثم يضيف “ومن هنا أيضا تظهر حقيقة الأزمة المعاصرة باعتبارها أزمة «مالية» بالدرجة الأولي نجمت عن التوسع الكبير في الأصول المالية علي نحو مستقل ـ إلي حد كبير ـ عما يحدث في «الاقتصاد العيني»، ويرجع ذلك إلى المؤسسات المالية التي أسرفت في إصدار الأصول المالية بأكثر من حاجة الاقتصاد العيني، ومع هذا التوسع الكبير في إصدار الأصول المالية، زاد عدد المدينين، وزاد بالتالي حجم المخاطر إذا عجز أحدهم عن السداد. ورغم أن البنوك المركزية تراقب البنوك التجارية في ضرورة احترام هذه النسب، فإن ما يعرف باسم بنوك الاستثمار في الولايات المتحدة لا يخضع لرقابة البنك المركزي وفق شروط اتفاقية “بازل”[8] ، ومن هنا توسعت بعض هذه البنوك في الإقراض لأكثر من ستين ضعف حجم رؤوس أموالها كما في حالة UBS، ويقال إن الوضع بالنسبة لبنك Lyman كان أكبر، وهذه الزيادة الكبيرة في الاقتراض تعني مزيداً من المخاطر إذا تعرض بعض المدينين لمشكلة في السداد كما حدث بالنسبة للأزمة العقارية الناجمة عن توسع المؤسسات المالية في الإقراض بسبب بسيط –كما يقول د.ببلاوي- وهو “الجشع greed ، فمزيد من الإقراض والاقتراض يعني مزيداً من الأرباح قصيرة الأجل حيث يتوقف عليها حجم مكافآت الإدارة. وهكذا أدي الاهتمام بالربح في المدة القصيرة إلى تعريض النظام المالي للمخاطر في المدة الطويلة” دون أن يعني ذلك – كما أشرت في البداية- إلى أن هذه الأزمة تؤشر لانهيار كلي وشامل في بنية النظام الرأسمالي في المدى الزمني القصير على الأقل. أما عن سبب ولادة الأزمة الراهنة ، يقول منير حمارنةفي البداية كانت المصارف ومؤسسات البناء تجذب الإيداعات من المدخرين، ثم تقدمها على شكل قروض للذين يريدون شراء المنازل . وكانت المعادلة هذه سهلة جداً، من المدخر إلى المقترض عبر المصرف أو المؤسسة. ثم اتسعت العملية ، إذ من أجل زيادة الأرباح زاد التوجه إلى الاستدانة من المصارف الأخرى لتقديم القروض العقارية . وتحولت هذه المصارف الوسيطة إلى مؤسسات للتمويل الشمولي لقطاع العقارات، وأصبح لها حملة أسهم وإدارات نشطة تسعى لجني الأرباح ثم تفتق ذهن العاملين في هذا القطاع لزيادة الأرباح عبر أسلوب يقضي بتجميع القروض السكنية وبيعها كسندات أمان لمصارف أخرى أو لمستثمرين ماليين، وأدت مختلف الإيداعات الجديدة إلى زيادة وتنويع مصادر المخاطر. في البداية لم تكن هناك مشكلة ، كانت السوق العقارية تزدهر والمصارف تستعيد الأموال المقترضة من خلال ارتفاع أسعار العقارات، وأصحاب المنازل كانوا يتحملون تسديد ديونهم وحتى أخذ قروض جديدة. ثم أخذت المصارف تقرض دائنين لا مداخيل لديهم، وتعتمد على احتمال ارتفاع أسعار العقارات. ولكن عندما وصلت هذه العمليات الذروة في الأرباح والاستدانة، أخذت أسعار العقارات تتراجع وتتباطأ منذ عام 2006، مما أصبح يؤثر تدريجياً على قدرة المستدينين في تسديد ديونهم. هكذا هبط سوق القروض العقارية، وكشفت خسائر دائني القروض، واتضح أن أسعار العقارات جراء هذه المضاربات المتلاحقة والمتعددة قد جرى تضخيمها.  ومن الواضح أنه لم يكن من المتوقع أن تستمر حركة الرهن العقاري والربح العقاري على خطها المستقيم صعوداً كما حصل لمدة 18 عاماً، لأن طبيعة الدورة الاقتصادية، كما يعرفها ماركس، تلعب دورها في الاقتصاد الرأسمالي الذي يحرك الاستثمار فيه عامل الربح فقط. فالدورات الرأسمالية استندت إلى عامل الربح إلى أن بلغت الأرباح الذروة، ثم أخذت تتراجع وتتحول إلى خسائر كما هي طبيعة الدورة، حيث يواجه كل حالة صعود حالة هبوط” . وفي هذا السياق تشير مجلة الايكونومست البريطانية –كما أوردها منير حمارنة- إلى أن صناعة المال الأمريكية حصلت على 10% من إجمالي أرباح الشركات عام 1980 مقابل قروضها وخدماتها المختلفة لهذه الشركات، في حين أن حصة صناعة المال الأمريكية تضاعفت أربعة أمثال مع العام الأخير 2007، حيث تبلغ تقديرات أرباح المال المباشرة في العقد الأخير 1.2 تريليون دولار. ومع هذه الأرباح الخيالية فإن صناعة المال تحولت إلى الصناعة الرأسمالية الأولى وتراجعت أهمية القطاعات الإنتاجية والخدمية الحيوية وأصبح تدوير الأموال في الأسهم والسندات والمشتقات المالية المبتكرة والمضاربات في المعادن والنفط يأتي في مقدمة الأنشطة الرأسمالية ويتفوق على ما عداه من حيث الأرباح والأهمية . وفي ظل هذه الهزات المالية العنيفة فإن المؤسسات المالية الأمريكية فقدت نحو 1.2 تريليون دولار من القيمة الاسمية لأسهمها منذ أغسطس / آب 2007. ولا يقل عن ذلك خسائر سوق العمل، حيث فقد مائة ألف وظائفهم في القطاع المالي منذ بداية العام الحالي وهناك 50 ألف وظيفة أخرى في الطريق إلى الضياع. ومع إفلاس بنك ليمان براذرز فقد 26 ألفاً وظائفهم في القطاع المالي الأمريكي .   أما د.ببلاوي ، فإنه يرى أن الأزمة ولدت نتيجة ما أطلق عليه أزمة الرهون العقارية، فالعقارات في أمريكا هي أكبر مصدر للإقراض والاقتراض، فالحلم الأمريكي لكل مواطن هو أن يملك بيته، ولذلك فهو يشتري عقاره بالدين من البنك مقابل رهن هذا العقار، ثم ترتفع قيمة العقار، فيحاول صاحب العقار الحصول علي قرض جديد نتيجة ارتفاع سعر العقار، وذلك مقابل رهن جديد من الدرجة الثانية، ومن هنا التسمية بأنها الرهون الأقل جودة، وبالتالي فإنها معرضة أكثر للمخاطر إذا انخفضت قيمة العقارات، ولكن البنوك لم تكتف بالتوسع في هذه القروض الأقل جودة، بل استخدمت «المشتقات المالية» لتوليد مصادر جديدة للتمويل، وبالتالي للتوسع في الإقراض.. كيف ..؟ عندما يتجمع لدى البنك محفظة كبيرة من الرهونات العقارية، فإنه يلجأ إلي استخدام هذه «المحفظة من الرهونات العقارية» كضمان للاقتراض الجديد من السوق عن طريق إصدار سندات أو أوراق مالية مضمونة بالمحفظة العقارية، وهكذا فإن العقار الواحد يعطي مالكه الحق في الاقتراض من البنك، ولكن البنك يعيد استخدام نفس العقار ضمن محفظة أكبر، للاقتراض بموجبها من جديد من المؤسسات المالية الأخرى، هكذا أدى تركز الإقراض في قطاع واحد «العقارات» على زيادة المخاطر، ويأتي العنصر الثالث والأخير وهو نقص أو انعدام الرقابة أو الإشراف الكافي على المؤسسات المالية الوسيطة . وقد تكاتفت هذه العناصر علي خلق هذه الأزمة المالية، ولم يقتصر أثرها علي التأثير علي القطاع المالي بل إنه هدد أحد أهم عناصر هذا القطاع وهو «الثقة» فإن الأمور تصبح أكثر خطورة إذا فقدت الثقة أو ضعفت في النظام المالي الذي يقوم علي ثقة الأفراد . ويزداد الأمر تعقيداً نتيجة للتداخل بين المؤسسات المالية في مختلف الدول، فجميع المؤسسات المالية ـ وبلا استثناء ـ تتعامل مع بعضها البعض، وأي مشكلة عويصة تصيب إحدى هذه المؤسسات، لابد أن تنعكس بشكل مضاعف علي بقية النظام المالي المعولم. وهكذا نجد أن الأزمة المالية الحالية هي نتيجة للتوسع غير المنضبط في القطاع المالي في الولايات المتحدة ومن ورائه في بقية دول العالم المتقدم، والسؤال –كما يطرحه د.ببلاوي- : =&3=&

???? ????? : 2008-10-01
??  ???? ???? ?????

????: ???? ?????? – ?????

?? ???? ????????? ??????? ?????? ?? ???? ????? ?????? ?????????? – ?????????? ??? ???? ????? ??????? ?? ??? ??????? ???? ?????? ?????? ??????????? ?? ?????? ?????? ??????? ??????? ?? ???? ?? ??? ??? ???????? . ??????? ??????? ???? ???? ????? ?? ????? ??????? ???? ???? ??? ?????? ??????? ?????????? ??: ?? ??? ???? ??????? ??? ????????? ????? ???:?? ???? ?? ???? ?????? ??????????? ?? ?????? ?????? ??????? ???? ????? ?? ??????? ????????? ???? ??????? ????? ???????? ???????? ?????? ??????? ??? ??? ???? ????????? ??? ?????? ???????: ?? ???? ?? ????? ????? ??? ?????? ?? ???? ???????? ??? ???? ?????? ??????????? ?? ???????? ???????? ??? ???? ?????? ?????? ??????? ?????? ???????? ?? ?????? ???? ?????? ?????? ??? ?? ????? ????? ????? ?????? ??????????? ?? ???????? ???????? ?? ??? ?????? 1967? ?? ?????? ????? ??? ????? ??????? ??? ??? ??? ???????? ?? ?????? ??????? ???????? . *** ???? ?????? ??????????? ?? ?????? ?????? ??????? ??? ??? ??????? ??? ?????? ?????????? ??? ????? ???????

???? ?? ????? ?? ???? ?????? ???????????? ??? ???? ???? ??? ???? ???? ??? ??? 1968 ? ????? ???? ??? ??? ?? ??? ?? ???? ??? ???? ?????? ??????? ???? ?????? ????? ???? ??????? ?? ?????? ????? ????????? ?????? ????????. ??? ???????? ?? ?????? ?????? ??????????? ??????? ?????? ??????? ???? ?? ????? ??????? ????????? ????? ???????? ?????? ???????? ????? ??????. ?? ??? ?????? ???? ?? ?????? ???? ????? ?????? ???? ??? ???? ??????? ???? ????? ???? ?????? ???????? ?? ??????? ????? ??? ???? ??????? ?? ???????. ??? ???? ??? ??????? ???? ?? ????? ???????? ??????????? ???????? ???????? ????? ????? ?????? ???????? ?????? ?? ????? ????? ?? ???????? ?????? ?????????? ????? ??? ?????? ?????????? 1936 – 1939 ?? ???? ??? ????????.
?? ??? ??? ????????? ??? ????? ???? ????? ??????? ????????? – ??????? ???????? ??????? ?? ?????? ???? ???? ??? ?? ?????? ????? ????? – ?????? ???????? ?? ??? ??????? ?? ?????? ?????? ??????????? ?????? ??????? ??????? ?????? ??????? ????????? ?? ??????? ???????? ???? ????? ?????? ????? ???????? ????????? ????? ?????? ???? ????? ??????? ?????? ?????????.
??????? ??????? ????? ????? ????????? ????? ???? ?????? ??? ?????? ??? ???? ????? ?????? ????? ??????. ???? ??? ????? ????? ???????? ?? ????? ????? ?? ??? ??????? ??????? ?????????? ?????????? ???? ???? ????? ????? ???? ????? ?? ?????? ??? ?????? ????? ????? ?? ??????? ??? ??? 1918? ?? ???????? ????? ????. ???? ??? ????? ?????? ?????? ?? ???????? ??????? ???? ???? ?? ??????? ??? ??? ???????.
??? ??????? ???????? ?? ????? ??????? ?????????? ????? ??? ?? ?????? ??????? ?? ?????? ?? ????? ????????? ?????????? ???????? ??? ???? ???? ???? ????? ?? ??? ???????? ??? ?? ????? ??????. ??? ??? ??????? ???? ???? ??? ???? ?? ???? ???? ?????? ???????? ????? ?????? ??? ?????? ????????? ???? ???? ??? ????? ???? ?????? ?????? ?? ??????? ??? ??? ??? ??? ????.
??? ????? ??? ??????? ??? ??????? ??????? ???????? ???????? ??? ??? ?? ???? 1943 ??? ???? ????? ??????? ????????? ?????? – ??????? ? ??? ??? ??? ??????? ??????? ?? ??????? ????????.
???? ????? ???? ?????? ?????? ?? ??????? ???? 1943? ?? ???? ??????? ??????? ???? ???? ?? ????? ??????? ????????? ??? ?????? ??? ????? ?????? ????? ???? ?????? ???? ?????? ??????????? ??????? ?????? ??????????? ????? ????? ?? ??? ??????? ??????? ???? ????? ?????? ?? ???? 1948? ?? ??? ????? ???? ??????? ??? ???? ???? ???????.
????? ??? ????? ??????? ????????? (??????? ????????) ???? ?????? ?????? ?????? ??????? ??????? ?????? ??????????? ??? ???? ???? ????? ?????? ?? 29/11/1947? ?? ?? ???????: ???? ?????? ?????? ?????? ??????? ????????? (??????? ????????) ???? ????????? ???? ??? ??????? ???????? ?? ?????? ?????? ???????? ????????? ????? ????? ??????? ????? ??????.
??? ??????? ???? ????? ??? ????? ??????? ????????? (??????? ????????) ???? ???? ??????? ??????? ?? ???? 1947? ??? ?????? ???? ??????? ?????? ?????? ??????? ???????? ????? ??????? ???? ?????? ?? ????? 1947 ???? ?????? ??????????? ???? ??? ????? ???? ??? ?????? ??? ???????? ????????? ?????? ?????? ??????? ????? ?????? ?? ?????? ??????????? – ????? ???? ???? ????? ?????? ??? ???????? ????? ???????? – ??? ????? ??? ????? ???? ?????? ???????? ??????? ?? ?????? ?????? ???????? ????? – ???? ???? ? ??? ???? ????? ?????? ????? ??????. ??????? ???? ??????? ??? ????? ?????? ??????? ?????? ????????.
???? ?? ???? ?? ??? ????? ??????? ?? ????? ???? ???? ???? ???????? ?????? ??? ????? ??? ????? ?????? ??????????? ??? ????? ???? ?? ??? ????? ?????????? ???? ????? ??????? ??????? ???? ?????? ???? ?????? ??????????? ?? ???????? ??????? ? ????? ?? ??????? ?? ???? ??????? ?? ??? ?????? ?????????? ??????? ??????? ????????.
??? ???? ?????????? ???? ????? ???? ?????? ???? ?????? ??? ??? ???? ???????? ?? ????? ??????????? ?????? ??? ??????? ??????? ???????? ?? ??? ????? ?????? ??????? ??????????? ???? ??? ????? ????? ?????? ?? ????? ????????? ?????? ???????? ??? ???? ????????: ?????? ???????????? ??????? ?????? ???????? ?? ???? ????????? ???????? ??? ???? ????????? (?????)? ??? ????? ?? ????? ?????? ?????.
***

=&0=& 11.10.2008 12:18 قال خبراء اقتصاد لدى البنك الدولي ان استمرار تراجع سعر الخام وانخفاض التحويلات المالية من جراء الازمة المالية العالمية سيفضيان الى تباطوء النمو في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

وأبلغ فاروق إقبال مدير البنك لشؤون التنمية الاقتصادية في المنطقة الصحفيين أن “النفط كان مساهما رئيسيا في النمو بمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا على مدى العامين الأخيرين لكن اذا استمر تراجع الاسعار فسيتراجع النمو أيضا.”

وذكر إقبال أن خبراء الاقتصاد لدى البنك يعملون الان على أساس توقعات أن يبلغ متوسط سعر النفط 75 دولارا للبرميل في 2009. وتراجعت أسعار النفط من مرتفعات قياسية قرب 150 دولارا للبرميل في يوليو تموز لتغلق في معاملات نيويورك يوم الجمعة عند حوالي 80 دولارا للبرميل.

=&0=&=&1=&=&2=&=&3=&=&4=&=&1=&=&6=&=&7=&=&8=&=&1=&=&10=&=&1=&=&12=&=&3=&=&14=&.

التجربة السوفييتية تبقى حدثاً مركزياً في القرن العشرين وفي التاريخ البشري

فالتجربة السوفييتية في التحول الإشتراكي، ومهما كان تحليلنا لمراحل مسارها ولأسباب انهيارها، تبقى حدثاً مركزياً بالغ الأهمية في القرن العشرين وفي التاريخ البشري بمجمله، حدثاً ترك بصماته على تطورات العالم كله خلال سنواتها السبعين ونيّف. وستبقى التجربة تترك تأثيراتها ومفاعيلها بعد الإنهيار.
فمن الممكن أن تكون هناك آراء متنوعة حول تقييم هذه التجربة، وحول مراحلها المتعاقبة، منذ ثورة العام 1917 وحتى الإنهيار وتفكك الإتحاد السوفييتي في العام 1991. ومن الممكن التفكير بفرضيات متعددة… لو حدثت ثورة أخرى، أو أكثر، واكبتها في إحدى دول أوروبا الأكثر تطوراً إقتصادياً ومجتمعياً… أو لو عاش لينين مدةً أطول ليقود بنفسه تلك المرحلة الإنتقالية البالغة الصعوبة… أو لولا أعمال هذا القائد أو ذاك من قادة الإتحاد السوفييتي اللاحقين… وهي فرضيات ليس من الممكن الجزم بما كانت ستؤول إليه، لأن ذلك كله يتعلق بماضٍ رحل، وبمعطيات بالغة التعقيد والتشابك لا يمكن، بالطبع، معرفة ما كان يمكن أن تفرزه بشكل محدد ومحسوم. وفي كل الأحوال، نحن الآن أمام تجربة منتهية وأصبحت مُلكاً للتاريخ. وما هو ممكن الآن، وضروري، هو السعي الى دراستها ودراسة إنعكاساتها على وضع الشعوب التي عاشت في ظلها أو في ظل تجارب شبيهة، كما شعوب بلدان ومناطق العالم الأخرى.
وأعتقد جازماً أن الأمور، في أية حال، لا تنتهي عند هذا الحد. أي إن التجربة السوفييتية، وأقصد هنا أيضاً مجمل التجارب الشبيهة التي شملتها انهيارات 1989-1991 وتفككات يوغسلافيا اللاحقة، باقية بآثارها على مجتمعاتها، وعلى بلدان العالم، بأشكال متعددة. وهي، وإن انتهت من زاوية حضورها المرئي، ستبقى، كما العديد من الأحداث الكبرى في التاريخ البشري، موجودة تحت السطح ولها امتدادات متنوعة ومتراكمة، بحيث ستبقى بصماتها وتفاعلات ما أنجزته، وما أخفقت في إنجازه، قائمة لفترة طويلة من الزمن.