تشهد البلاد موجات متلاحقة من الاحتجاج, على السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي تنفذها الحكومة, التي اخذت تعبيرات ومظاهر متعددة, بين مختلف الشرائح الاجتماعية, نتيجة الاضرار الفادحة التي لحقت بالدولة والمجتمع والاقتصاد الوطني, وكان اخر مظاهرها البيان الصادر عن الشخصيات السياسية والاجتماعية, اضافة الى اجتماع شيوخ العشائر في مختلف مناطق المملكة, معربين عن سخطهم واستيائهم لما آلت اليه الاوضاع في البلاد.

يأتي هذا التحرك وعلى هذا المستوى من الفئات السياسية والشرائح الاجتاعية ليشكل تحذيرا جديدا من مغبة الاستمرار في هذا النهج الذي ادى الى تدهور الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وما سوف تؤول اليه الازمة المركبة التي اصبحت مفاعيلها تنعكس بصورة خطيرة على الفئات الاجتماعية, الامر الذي يستدعي الاسراع في تحقيق اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية, فالاخطار متعددة والازمة مركبة والاعداء متربصون من كل الاتجاهات.

اثارت التصريحات المنسوبة الى بوب كيغان مستشار المرشح الجمهوري للبيت الابيض جون ماكين حالة من السخط والاستياء لدى الاوساط السياسية والاعلامية والشعبية, لما لهذه التصريحات الاستفزازية المعادية للقضايا الوطنية والقومية للشعبين الفلسطيني والاردني, وبغض النظر عن نفيها او عدمه, فالمواقف المعادية للقضايا العربية هو الثابت الوحيد لدى المسؤولين الامريكيين, ورغم هذه المواقف العدائية فالشعبين الاردني والفلسطيني يشكلان جبهة واحدة ضد المشاريع التصفوية, وما تفوه به المستشار الصهيوني, ومن قبله اوباما مرشح الحزب الديمقراطي. بان القدس الموحدة عاصمة ابدية لاسرائيل, لا يغير الحقيقة الساطعة, فالحقوق الوطنية والتاريخية في فلسطين لن يتخلى عنها شعب فلسطين الذي ناضل منذ عشرات السنين دفاعا عن ارض وطنه واستقلاله الوطني واقامة الدولة الفلسطينية على ارض فلسطين, كما ان الشعب الاردني الذي قهر تمبلر واسقط الاحلاف العسكرية والمشاريع الاستعمارية المعادية للوطن العربي, في خمسينيات القرن الماضي, هو نفسه الذي سوف يقبر المشاريع التي تستهدف النيل من امنه واستقلاله, ويعرف جيدا كيف يحافظ على كيانه الوطني من اي مساس استعماري صهيوني.

مع ارتفاع الاسعار وتفاقم الازمة, تزداد اهمية البحث عن مسبباتها, ما يتعلق بالارتفاع العالمي لاسعار المشتقات النفطية والمواد الاولية شأن عام, اما الاسباب المتصلة بالسياسة الاقتصادية للدولة, والبحث عن الوسائل للتخفيف من آثارها هو جوهر اهتمامنا, اطلعت على مقالة الزميل باتر وردم, التي تضمنت طرح خمسة عشر سؤالا حول ابرز القضايا الاقتصادية التي تواجه البلاد, قاصدا فتح حوار حول اهم العناوين المتعلقة بالازمة الاقتصادية, بداية لا بد من تناول قضية جوهرية قد تشكل مرتكزا اساسيا للمعرفة, يجري احيانا طمسها او اغفالها, وهي جذور الازمة والمراحل التي مرت بها, والفئات الاجتماعية المسؤولة عنها, لا شك ان سياسة الليبرالية الجديدة اسهمت في تعميق الازمة من خلال الاجراءات الواسعة جدا التي نفذتها في السنوات الاخيرة, في مجالات الخصخصة, وتحرير التجارة وتحرير الاسواق وغيرها, الا ان الازمة الاقتصادية ليست وليدة المرحلة, بل هي امتداد للازمة الاقتصادية الحادة التي واجهت البلاد منذ اواخر ثمانينيات القرن الماضي.

يحتاج العالم الى 30 مليار دولار سنويا لاستئصال لعنة الجوع, واعادة اطلاق القطاع الزراعي في العالم, وتلافي تهديدات الصراع حول الغذاء مستقبلا, انقضى زمن الكلمات وثمة حاجة الى الاجراءات, بهذه الكلمات افتتح الدكتور جاك ضيوف المدير العام لمنظمة الاغذية والزراعة (الفاو) مؤتمر قمة روما الذي يعقد بهدف تهدئة الازمة الغذائية العالمية الراهنة, هذه الازمة التي تهدد بتجويع مليار انسان على الكرة الارضية, في الوقت الذي انفق النظام الرأسمالي 1200 مليار دولار على الاسلحة عام 2006 وحده.