إذا كانت الثروة النفطية سببًا في تفوق اقتصادات كل من السعودية والإمارات على الاقتصاد المصري، إلا أن دولا مثل إندونيسيا وتايلند وكوريا الجنوبية وماليزيا، لم يكن النفط سببا في تفوقها. في حين كانت مصر في طليعة هذه الدول عام 1965، بعد إنجاز خطتها الخمسية الأولى، وأن القيادة السياسية التي تولت الحكم بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر، -الذي يصادف ذكرى مرور 45 عاماً على وفاته- هي وراء تقهقر مصر سياسيا وانحدارها اقتصاديا.

تعاني الاقتصادات العربية من تداعيات الازمات السياسية والاقتصادية المتفاقمة والمتعددة الأوجه منها: التدخل الأطلسي المباشر في ليبيا عام 2011 والذي كان سببا مباشرا في انهيار الاقتصاد الليبي الناجم عن تراجع صادرات النفط. وانخفاض الناتج المحلي للعام 2011 إلى 34.7 مليار دولار مقارنة مع 74.8 مليار دولار لعام 2010. وانكماش الاقتصاد السوري منذ العام 2011 وحتى مطلع العام 2014 بنسبة 40%، بسبب التدمير الذي لحق البنية التحتية للدولة السورية، وانهيار قسم كبير من القطاعات الاقتصادية الصناعية والزراعية وهجرة ملايين السوريين إلى الخارج.

الورقة التي قدمتها للندوة الحوارية حول مستجدات الازمة السورية
التي عقدت مساء 25-10-2015 في المنتدى العربي في عمان

مع اقتراب موعد رفع سعر الفائدة على الدولار الذي حدده مجلس الاحتياطي الأمريكي قبل نهاية العام الحالي، برزت ردود أفعال متباينة إزاء القرار المرتقب، فقد حذرت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي من انهيار الاقتصاد العالمي في حال رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي معدل الفائدة على الدولار. وأوضحت؛ ان الاقتصاد العالمي ينمو بنسبة 3.1% قياساً بـ 3.4%في العام الماضي 2014، مشيرة الى ان الاضطرابات التي تشهدها الأسواق المالية قد زادت، في حين انخفضت آفاق النمو على المدى المتوسط. في حين أعلنت جانيت يلين رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي ان البدء في رفع أسعار الفائدة هذا العام معقول من اجل ابقاء السيطرة على التضخم.

تُواجه الفوائض المالية للمملكة العربية السعودية استنزافا خطيرا، قُدِّر بحوالي ضعف عجز موازنتها للعام الحالي 2015 المقدرة بـ38.61 مليار دولار. فقد ذكرت صحيفة ” فاينانشيال تايمز” البريطانية “أن السعودية سحبت أكثر من 72.8 مليار دولار من أصولها المالية في الخارج”. ويمكن تفسير ذلك بسببين؛ الأول: انخفاض أسعار النفط عالميا بنسبة تقدر بحوالي 50%، والثاني: زيادة النفقات العسكرية وتمويل الحرب التي تشنها على اليمن، إضافة إلى تمويل الحركات الظلامية. فمن المتوقع أن يصل عجز موازنتها للعام الحالي 2015 إلى حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي. وهي من أعلى نسب العجز في العالم. كما تراجعت معدلات النمو الاقتصادي إلى 2.8%. ووفقا لصحيفة “الجارديان” البريطانية، فإن حوالي ربع السعوديين فقراء، وأن نسبة البطالة تصل إلى 12% في دولة تحتل احتياطاتها الأجنبية وموجوداتها من الذهب المركز الثالث في العالم بعد الصين واليابان. واضح أنَّ أصابع الولايات المتحدة الأمريكية كانت ولا تزال وراء كلتا الحالتين.

بينما كانت الطائرات العسكرية الروسية تواصل تعزيزاتها في الأراضي السورية، كان الرئيس بوتين يمهد لقرار روسي وشيك، بسلسلة لقاءات أجراها مع نخبة من قادة العالم، اختتمت بخطاب في الأمم المتحدة ولقاء مع الرئيس الأمريكي أوباما، كان واضحا أن روسيا تقف على خطوة واحدة من إعلان المشاركة في الحرب على الإرهاب، بعد فشل التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق نتائج ملموسة رغم مرور أكثر من عام على بدء الحملة، ليس هذا فحسب، بل تمدَّد تنظيم “داعش” واحتلَّ الأنبار في العراق وتدمُر في سوريا خلال العام الحالي.