خلا جدول اعمال قمة الخرطوم من موضوع الاصلاح السياسي فلم يعد هذا الموضوع ذا اهمية لدى القمم العربية بعد ان تراجعت الولايات المتحدة الامريكية عن ممارسة الضغوط على الدول العربية لنشر الديمقراطية على اثر الجدل الدائر في الاوساط الامريكية حول نتائج هذه السياسة التي افرزت نموذجين.النموذج الاول العراقي: حسب آخر الادعاءات الامريكية انها ذهبت الى العراق لنشر الديمقراطية فيها كانت النتيجة انهيار الدولة وفلتان امني وميليشيات تجوب البلاد وانفجارات يومية يذهب ضحيتها عشرات الابرياء. النموذج الثاني التجربة الفلسطينية: توهمت الادارة الامريكية ان الضغوط التي مارستها على السلطة الفلسطينية لاجراء انتخابات سوف تفرز قيادات تدور في فلكها وتتخلى عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني, فمارس الشعب الفلسطيني الديمقراطية واختار مجلسا تشريعيا اغلبيته من حركة حماس وتشكلت حكومة حماسية فسارعت الولايات المتحدة الامريكية بمقاطعتها وحرضت اللجنة الرباعية والدول الخاضعة للنفوذ الامريكي على مقاطعتها, لعدم موافقة الادارة الامريكية على نتائج الانتخابات.سادت الاوساط الامريكية حالة ارباك تجاه سياسة نشر الديمقراطية على ضوء النتائج, فلم تعد مهتمة كثيرا فيما يسمى بنشر الديمقراطية في الوطن العربي, وهذا الموقف شكل ارتياحا لدى العديد من الحكومات العربية لتجنيبها الاحراج من تناول جرعة الدواء »الوصفة الامريكية للديمقراطية«.ما يهمنا نحن في الوطن العربي التأكيد على ان مطلب تحقيق اصلاح سياسي واشاعة الديمقراطية مطلب شعبي بالدرجة الاولى, ومطلب وطني ايضا, وليس مطلبا امريكيا فالوصفة الامريكية للديمقراطية غير مقبولة ولم تنجح الادارة الامريكية في تسويقها باي صيغة كانت, واذا كانت قمة الخرطوم طوت هذا الملف, فلا يعني انه انطوى شعبيا, فنحن في امس الحاجة لاعطاء هذا الملف الاولوية لوقف حالة الانهيار والبدء بوضع الشروط الموضوعية لاعادة بناء الوطن العربي وتجديد النظام العربي على اسس ديمقراطية واعادة الاعتبار للامة العربية كقوة سياسية واقتصادية مهمة في النظام العالمي الذي تسوده التكتلات الاقتصادية الضخمة, لا مكان لنظام ضعيف ومفكك ومهترئ, ينبغي اشاعة الديمقراطية وتوفير الحرية والشفافية وتحقيق تداول سلمي للسلطة, وفصل السلطات الثلاث واقامة نظام ديمقراطي مدني في كل قطر عربي تمهيدا لاقامة نظام عربي قائم على المصالح المشتركة للامة العربية والقوى الاقتصادية والاجتماعية الفاعلة داخله واقامة تجمعات اقتصادية مشتركة ومعالجة قضايا الفقر والبطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية. ان المعيار الوحيد لاعادة الحياة للنظام العربي هو تحقيق الديمقراطية وتداول السلطة ووصول قيادات منتخبة من شعوبها تحاسب على اخفاقاتها بالعزل, وتكافئ على نجاحاتها بالتجديد لها بالانتخابات. وانجاز نظام ديمقراطي يتمتع بالشفافية قادر على محاربة الفساد ومعاقبة الفاسدين. نظام سياسي قادر على اعادة الاعتبار للانسان العربي وتحقيق احلامه وطموحاته الوحودية ومواجهة المشروع الاستيطاني الصهيوني التوسعي وتحقيق توازن سياسي يضمن كنس الاحتلال الاسرائيلي من فلسطين والامريكي من العراق ووقف التدخلات الاجنبية في الشأن العربي.