لم يستقبل الأردنيون عامهم الجديد بالتفاؤل كبقية شعوب الارض, بل تمنى بعضهم حدوث معجزة ما توقف حركة الزمن عند إشارة الساعة الثانية عشرة من ليلة الواحد والثلاثين من كانون الاول, لكن حركة الزمن لن تتوقف, كل شيء نسبي في هذا الكون الا الحركة مطلقة, حركة المادة وحركة التاريخ وحركة المجتمع, لم يستطع العمال الأوروبيون من إيقاف حركة التاريخ حين حاولوا تكسير الآلة التي كانت سببا بفصلهم عن العمل حسب اعتقادهم, حيث دخلت كبديل لآلاف العمال الأوروبيين بفضل دخول التكنولوجيا في الصناعة, وقذفت المصانع معظم عمالها الى سوق البطالة, نعم العمال الأردنيون لا يستطيعون وقف حركة التاريخ علما انهم لا يسعون لذلك, فهم يدركون تماما حركة المجتمع وتطوره, نجح العمال في الدول المتقدمة من فرض إرادتهم وتحديهم لجشع واستغلال حرية رأس المال, عبر تنظيماتهم النقابية والسياسية, فكانت النتيجة ان تحولت الآلة من مصدر تعاستهم الى وسيلة لتخفيف معاناتهم, هذه الحرية التي تلوح بالأفق, او تلوح بها الحكومة لمواجهة الأسعار العالمية, ضحيتها الفقراء الذين لا ذنب لهم سوى انهم عمال او مزارعون او موظفون منتجون يكسبون قوتهم بسواعدهم, وليس بتغييب ضمائرهم… ستحيلهم حرية السوق الى ركام بلا “حركة” من شدة البرد القارص الذي سينخر عظامهم لحرمانهم من شراء اسطوانة غاز او صفيحة كاز للمدفأة التي لم يعد لها لزوم في بيوت الفقراء, او يتضورون جوعا, او يعانون من سوء التغذية, اعتقد جازماً ان الفقراء لن يستسلموا للجوع, فليس قدرا عليهم هذه المعاناة.