فهمي الكتوت
25/7/2009
هيلاري كلينتون تطالب بدعم وتشجيع الحكومة اليمينية الإسرائيلية بخطوات تطبيعية لدفعها نحو اتخاذ قرارات صعبة سياسيا, وتؤكد ان التقدم نحو السلام ليس من مسؤولية الولايات المتحدة أو إسرائيل فقط. مما يتضح أن منهجية الدبلوماسية الأمريكية ما زالت قائمة على ممارسة الضغوط على الطرف العربي, لفرض تسوية لا تستجيب للمصالح الوطنية, ومع ذلك يبقى السؤال مطروحا, هل من تسوية بالأفق وما هي مفرداتها, للإجابة ينبغي معرفة حاجة الأطراف الرئيسية الثلاثة للتسوية, العربي والإسرائيلي والأمريكي.
1- منذ تولي الرئيس باراك اوباما سلطاته الدستورية وهو يسعى لترميم علاقاته مع البلدان العربية والإسلامية, وقد برز هذا جليا بخطابه في جامعة القاهرة بداية الشهر الماضي عندما خاطب العرب والمسلمين بلغة عاطفية أضفى عليها طابعا إسلاميا, رصد المراقبون عدد كلمات مسلم أو إسلامي في خطابه بحوالي ثلاث وأربعين مرة, وذلك محاولة لإنهاء ثماني سنوات من التحريض والعداء والعدوان والاحتلال لأراض عربية وإسلامية, مع ذلك لم تقدم الإدارة الأمريكية خطوات ملموسة تجاه القضية الفلسطينية او القضايا العربية عامة, فهي ما زالت تردد المصطلحات نفسها التي استخدمها بوش مثل حل الدولتين والمطالبة بوقف إنشاء مستوطنات جديدة, متجاهلة المستوطنات القائمة والجدار والقدس وحق العودة, ليس هذا فحسب فلم تصمد مطالباته للإسرائيليين بوقف الاستيطان فأصبحت تطلب تنازلات عربية لإقناع نتنياهو بوقف الاستيطان, كما واصلت الحديث عن انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي من العراق من دون الإعلان عن تحملها مسؤولية الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب العراقي. الموقف الأمريكي يعكس حجم الأزمة التي خلفتها إدارة المحافظين الجدد للولايات المتحدة, سياسيا واقتصاديا وأخلاقيا, فالإدارة الجديدة معنية بإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي أو هكذا تبدو لتمرير المصالح الأمريكية في مرحلة ما بعد بوش بأدوات أخرى وسياسات أقل تكلفة ولتوفير مناخ ملائم لمغادرة جنودها المهزومين في العراق وأفغانستان, وذلك تحت ضغط الأزمة المالية والاقتصادية التي تعاني منها, ليس بهدف توفير مليارات من الدولارات تضخ لتغطية النفقات الحربية فقط, بل أيضا لاستقطاب مزيد من الأموال العربية لتوظيفها في مواجهة الأزمة, فسياسة الغطرسة والعربدة التي مارستها الإدارات السابقة في ظل نظام عالمي تمتعت به بأحادية القطبية, قد انهار وهي عاجزة عن مواصلة نهجها السابق, لذلك نلاحظ انفتاحا أمريكيا على العالم وبشكل خاص على الدول الوازنة التي تشكل ثقلا اقتصاديا للبحث عن مخارج للازمات المتراكمة وبؤر التوتر التي أشعلتها في المرحلة السابقة. ومع ذلك لن تخرج إدارة اوباما كثيرا عن السياسات الأمريكية التقليدية إلا بقدر ما تفرضه الظروف والمستجدات التي أفقدتها القدرة على العمل بالأساليب السابقة.