كشف التقرير العربي للأھداف الإنمائية للألفية 2013 الذي أعدّته الأمم المتحدة وجامعة الدول
العربية أن اكثر من “خُمس العرب” يعيشون تحت خط الفقر، وبالكاد يجدون “قوت يومھم”
وبعضھم لا يجد كفاف يومه، وقد كشف التقرير ان معدل الفقر في المنطقة العربية ارتفع من
%22.7 في عام 1990 الى 23.4 % في عام 2011 ، وقد ارتفعت نسبة الذين يعانون من الفقر
المدقع (الحالة التي لا يستطيع فيھا الإنسان الوصول إلى إشباع حاجاته الغذائية لتأمين 3000
سعر حرارية يوميا ليتمكن من مواصلة حياته ع2ند حدود معينة (من 4.1 % عام 2010 الى
%7.4 عام 2012 ، وقد ارتفعت نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع على المستوى العالمي في
البلدان الاقل نموا من 13.9 % عام 1990 الى 21.6 % عام 2012 ، وقد سجلت المنطقة
2010 مقارنة مع – العربية اقل قدر من التقدم في تخفيض نسبة الفقر المدقع بين عامي 1990
الدول النامية.
إن الظروف البائسة التي تعيشھا الجماھير الشعبية في معظم الاقطار العربية ناجمة عن نظم
الفساد والاستبداد، التي اخضعت اقتصادات الوطن العربي لمصالح الاحتكارات الرأسمالية، بھدف
توسيع السوق الرأسمالي، وتعميم الثقافة الاستھلاكية وإبقاء الاسواق العربية مفتوحة امام
المنتجات الرأسمالية، وفرض النموذج الاقتصادي الريعي، والخضوع للسياسات الليبرالية التي
فرضتھا المؤسسات الدولية من صندوق النقد والبنك الدوليين الى منظمة التجارة العالمية لصالح
المراكز الرأسمالية، بإزالة كافة الحواجز الجمركية امام انسياب التجارة الخارجية وتحرير اسواق
المال، وفرض سياسة التخاصية، مما ادى الى انتعاش البرجوازية الطفيلية، واتساع مظاھر
الفساد المالي والاداري، ونھب خيرات الامة العربية، وتعميق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية،
بسبب ارتفاع معدلات التضخم، وانھيار القيمة الشرائية لاجور العمال والمستخدمين والفقراء
عامة، وفرض سياسات ضريبية متحيزة ضد الفقراء استنزفت طاقاتھم وقدراتھم الاقتصادية،
وحولت غالبية المواطنين الى فقراء، بسبب الارتھان لمصالح الاحتكارات الرأسمالية، التي ادت
الى إفقار الشعوب العربية، وارتفاع معدلات البطالة. إن رُبع شبابِ العالم العربي وخُمسُ نسائه
ھم من دون عمل يوفر لھم عيشاً لائقا، وانتشار سوء التغذية بمعدلات لم تشھدھا المنطقة من
. قبل، لتطالَ خمسين مليون شخص، بعد أن كان العدد ثلاثين مليون في عام 1990
لقد مررت الدوائر الاستعمارية سياسة التخاصية في البلدان العربية بذريعة تعثر بعض
المؤسسات، وادخال الشريك الاستراتيجي، لتطوير القدرة التنافسية لھذه المؤسسات، وعلى الرغم
من عدم توفر مسوغات لھذه التبريرات، فھناك حلول خلاقة للمؤسسات المتعثرة، بما في ذلك
خصخصة ادارة بعض الشركات اذا اقتضت الحاجة الى ذلك، وھو ليس خيارا وحيدا، مع الاحتفاظ
بملكية الاصول للدولة. ومع ذلك لم تقف سياسة التخاصية في البلدان العربية عند المؤسسات
المتعثرة، بل تجاوزتھا واصبحت تطبقھا نھجا سياسا واقتصاديا، وبذلك جرى التخلي عن مقدرات
الدولة بأسعار زھيدة لا تتناسب اطلاقا مع قيمة الاصول التي دفعت من جيوب المواطنين وعلى
حساب زيادة عدد الفقراء في الوطن العربي، خضوعا لمصالح الاحتكارات الرأسمالية، وطبقة
السماسرة والفاسدين الذين تلقوا الرشا والعمولات، لتجعل من متنفذين في السلطة اثرياء بلا
حدود، وتتشكل طبقة واسعة من البرجوازية الطفيلية من الفاسدين وناھبي اموال الشعب.
( فعلى سبيل المثال قامت الحكومات الاردنية المتعاقبة ببيع مؤسسات الدولة بحوالي ( 2400
مليون دولار، وبأقل بكثير من القيمة الفعلية لھذه المؤسسات، وتم ھدر ھذه الاموال التي تعتبر
ملكا للاجيال، دون الاستفادة منھا بأي مشروع تنموي استثماري. ويكفي الاشارة الى شركة
الفوسفات الاردنية احدى اھم فضائح الفساد في الاردن، التي تم بيعھا بسعر بخس واعطاء
الفاسدين امتيازات واسعة مكنتھم من الاستيٮلاء على مئات الملايين من الدولارات، وقد اضطرت
الجھات الرسمية تقديم احد رموز الفساد للقضاء بعد الفضائح المتتالية للمدعو وليد الكردي الذي
احتل منصب رئيس مجلس ادارة شركة الفوسفات الاردنية، بالسجن لسبعة وثلاثين عاما وتغريمه
( حوالي ( 350 ) مليون دولار. علما انه تم بيع نصيب الحكومة من شركة الفوسفات بقيمة ( 112
مليون دولار فقط لا غير.
كما يقول د. احمد السيد النجار الخبير الاقتصادي المصري، “تم إھدار ما بنته الحكومات والأجيال
السابقة بأسعار لا تزيد على 10 % من سعر الأرض، وتشريد أكثر من نصف مليون عامل،
وتدمير بعض الصناعات المتقدمة كليا. وعلى سبيل المثال قامت شركة بابكو أند ويلكوكس
الأمريكية بتدمير صناعة المراجل البخارية فى مصر بعد شراء شركة النصر للغلايات ومخزوناتھا
ب 17 مليون دولار فى صفقة فساد مروعة، بينما تبلغ قيمتھا الحقيقية نحو 25 مِثلا”!
لھذه الأسباب وغيرھا يعاني الوطن العربي من الفقر والتخلف، والتبعية السياسية والاقتصادية،
ولھذه الاسباب ھبت الشعوب العربية ضد نظم الفساد والاستبداد من اجل تحقيق الحرية
والديمقراطية والشفافية، لاختيار ممثلين حقيقيين للشعوب العربية ولتحقيق تنمية اقتصادية مبنية
على الموارد الغنية التي يملكھا الوطن العربي، ومكافحة الفقر ومعالجة قضايا البطالة وتحقيق
العدالة الاجتماعية.

تنعقد قمة العشرين في ظل خلافات سياسية واقتصادية حادة، حيث تهيمن الأزمة السورية على اجواء المؤتمر. إضافة الى عدد من الملفات الاقتصادية، ابرزها، اثر انهاء سياسة الحفز الاقتصادي الذي تطبقه الولايات المتحدة الاميركية على النمو الاقتصادي، وانعكاساته على الاقتصاد العالمي، كما تحظى الاقتصادات الناشئة بالاهتمام الرئيس لدورها المحوري في الحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي على الرغم من تراجع النمو الاقتصادي في روسيا والهند، الا انها تبقي مجموعة بريكس في طليعة الاقتصاد العالمي، وتبقى منطقة اليورو الحلقة الاضعف في المراكز الاقتصادية العالمية رغم التحسن الطفيف الذي طرأ خلال الربع الاخير.