اثر موضوع تعديل القوانين الاربعة بطريقة غير دستورية من قبل الحكومة السابقة ومن بينها قانون ضريبة الدخل مثار جدل بين الاوساط السياسية, كما اثار تعديل قانون ضريبة الدخل على وجه الخصوص جدلا اوسع ليس فقط بين الاوساط السياسية بل وبين الاوساط الشعبية ومن الناحيتين الدستورية والاقتصادية لصلته بالظروف المعيشية لذوي الدخل المحدود.لقد جاء تعديل قانون ضريبة الدخل على خلفية المطالبة بضرورة اجراء اصلاح ضريبي, بداية لا بد من الاشارة الى ان موضوع الاصلاح الضريبي هو مطلب شعبي ووطني عام, المهم كيف يجري التعامل مع هذا المطلب, ولالقاء الضوء على ابعاد هذا الموضوع لا بد من تناول المعلومات الواردة في مشروع قانون الموازنة والتي تشير الى ان العبء الضريبي اصبح يشكل خطرا حقيقيا على الفئات الشعبية, وان نسبة نمو الايرادات الضريبية تفوق كل التصورات, فقد بلغت الايرادات الضريبية عام ,2003 1083.2 مليون دينار وقفزت في عام 2006 تقديرية الى 1855 مليون دينار, بزيادة نسبتها 71% خلال الاعوام الثلاثة, وهي نسبة عالية جدا علما ان هذه الايرادات الضريبية لا تشتمل على الرسوم والرخص وما يعرف بالخدمات الحكومية والتي بلغت 488 مليون دينار في موازنة 2006 تقديرية, وفي التدقيق نجد ان مساهمة ضريبة الدخل في الايرادات الضريبية ما زالت متواضعة جدا حيث بلغت في الاعوام ,2003 ,2004 ,2005 على التوالي ,195.4 ,217.9 282.5 مليون دينار, ولا تشكل نسبتها اكثر من 3% من الناتج المحلي الاجمالي الذي يقدر بحوالي 8.5 مليار دينار, وهي من ادنى النسب في العالم في حين, وصلت الضريبة المباشرة حوالي 18.5% ومن اجل تحقيق العدالة لا بد من زيادة حصة ضريبة الدخل الى حوالي 10% من الناتج المحلي الاجمالي, وتخفيض حصة الضرائب المباشرة وخاصة ضريبة المبيعات , وسوف تحقق هذه التعديلات ايرادات تسهم في تخفيض عجز الموازنة, وبدعم فاتورة النفط بدلا من تحميلها على الفئات الشعبية.اذا من الناحية المبدئية لا يوجد خلاف مع اصحاب القرار في وزارة المالية او الرئاسة حول ضرورة زيادة ايرادات الخزينة من الايرادات الضريبية, ومن هنا جاء الاجماع الوطني بين كافة الشرائح والطبقات على فكرة الاصلاح الضريبي, اما الاختلاف حول كيفية تحقيق هذا الاصلاح فهناك وجهتا نظر حول الموضوع:وجهة النظر الاولى: بزيادة العبء الضريبي على الفئات الشعبية وتتمثل بالاجراءات الحكومية المعلنة والتي تتلخص بتعديل قانون ضريبة الدخل بزيادة الضريبة على ذوي الدخل المحدود من 5% الى 10% على اول 6000 دينار من الدخل ورفعها الى 20% على الدخل الذي يزيد عن 6000 دينار, واخضاع القطاع الزراعي الى ضريبة الدخل بالاضافة الى اخضاع رواتب المتقاعدين للضريبة, وتخفيض الضريبة على الشركات التي كانت تخضع لشريحة 25% الى 15% ومساواة شركات التضامن والتوصية البسيطة بالشركات المساهمة العامة, واخراج كافة الشركات من مظلة الضريبة التصاعدية وقد ارتكبت الحكومة بهذا القانون مخالفات دستورية ليس فقط بالاجراءات بل وبجوهر القانون ايضا بمخالفة المادة (111) من الدستور التي تضمنت فرض ضريبة تصاعدية على الدخل لتحقيق العدالة, كما اقدمت الحكومة على توسع في تطبيق المبيعات باخضاع خدمات معفاة مثل الانشاءات والنقل البري وخدمات مكاتب المحاماة لضريبة المبيعات, وزيادتها من 4% الى 16% على قائمة من المواد الغذائية, وتخفيض حد التسجيل الى 50 الف دينار اي باخضاع المحلات الصغيرة لضريبة المبيعات.اما وجهة النظر الثانية: تتلخص بمساهمة الفئات الاجتماعية القادرة على الدفع بشكل افضل ضمن تصورات تسهم بتحقيق اصلاح ضريبي يحقق توازن اجتماعي يتمثل بزيادة الايرادات الضريبية بما ينسجم مع الدستور الاردني بالمحافظة على صيغة الشرائح والسلم الضريبي لمساهمة اصحاب الدخول العالية في ايرادات الخزينة وتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية فقد شهدت الاعوام الاخيرة تخفيضات متتالية على ضريبة الدخل غير مبررة لقطاعات البنوك والتأمين والصرافة والقطاعات المالية الاخرى على الرغم من الارباح العالية التي حققتها هذه القطاعات خلال الاعوام الاخيرة والاقبال المتزايد على اسهم هذه الشركات في السوق المالي, لا بد من الغاء هذه التخفيضات واعادة القوانين الى ما كانت عليه سابقا لقيام هذا القطاع بدوره الوطني برفد الخزينة بما تحتاجه لتخفيض عجز الموازنة, ومن نافلة القول ان جزءا اساسيا من ارباح هذه القطاعات يعود لما توفره الدولة من مستلزمات للاستثمار.كما لا بد من اسهام السوق المالي بالايرادات الضريبية بفرض ضريبة على ارباح الاسهم المتحققة من التداول في السوق المالي عبر الصفقات والمضاربات المالية بهدف تحقيق الربح السريع.